الأحد، 26 أبريل 2015

التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز المرسل ( علم البيان )



*المواضيع المطلوب بحثها وشمولها:


1- مقدمة عن علم البيان وفنونه والمؤلفات التي مهدت لظهوره


2-التشبيه، التعريف به، وأركان التشبيه.


3-التشبيه المقلوب _التشبيه الضمني _التشبيه البليغ


4- الحقيقة و المجاز أقسامه 1-المجاز العقلي


5- ثانيا المجاز اللغوي أقسامه 1-المجاز المرسل


6- ثانيا المجاز الاستعاري أقسامه 1- استعارة تصريحيه


7- استعارة مكنية


8-الاستعارة التمثيلية


9-الكناية


 


 


 


 


 


 


 


 


 


- نبذة تاريخية للمؤلفات التي مهدت لظهور علم البيان- (انتساب)


ترتبط البلاغة العربية في الأذهان عند ذكرها بعلمها الثلاثة المعروفة لنا وهي :


1-علم المعاني      2-علم البيان    3-علم البديع


وقد يتبادر إلينا أن هذه العلوم الثلاثة البلاغية قد نشأ كل واحد منها مستقلا عن الآخر بمباحثه ونظرياته ولكن الآن غير ذلك فالواقع أن البلاغة قد مرت بتاريخ طويل من التطور حتى انتهت على ما انتهت عليه الآن ونجد أن الملاحظات البيانية نشأت عند العرب منذ العصر الجاهلي ثم مضت هذه الملاحظات تنمو بعد ظهور الإسلام لأسباب منها :


تحضر العرب واستقرارهم في المدن والأقطار ونهضتهم العلمية والجدل الذي قام بين الفرق الدينية المختلفة في شؤون العقيدة و السياسة.


وإذا ما انتقلنا إلى العصر العباسي نجد محاولات أولية لتدوين الملاحظات البلاغية:


1-(البيان والتبيين)للجاحظ كتابه كان نقله لتطور الشعر والنثر وظهور طائفتين من العلماء:


أ-طائفة اهتمت بشؤون البيان .       ب-طائفة اللغويين .


2-(معاني القرآن) للفراء فيه إشارة إلى ما في آيات الذكر الحكيم من صور بيانية .


3-(مجاز القرآن) :-أبي عبيدة الذي اعتنى بالقرآن وأساليبه وكان في كتابه إشارة إلى بعض الأساليب البيانية كالتشبيه والاستعارة والكناية.


4-المثل السائر في (أدب الكاتب والشاعر) لابن الأثير الذي استفاد من الملاحظات البيانية للجاحظ ولخصها وقارن بينه وبين من تقدموه في هذا المجال .


5-(تأويل مشكل القرآن) لابن قتيبة الذي تحدث في كتابه عند إعجاز القرآن ثم انتقل إلى الحديث عن علم البيان من حقيقة ومجاز وتشبيه واستعارة .


6-(الكامل) لأبي العباس المبرد الذي جمع بين الشعر والنثر ويعد كتابه من كتب اللغة الممهدة للمعاجم مع أن كتابه كتاب لغة ألا انه يتحدث فيه بعض موضوعات البيان كالكناية والتشبيه .


7-(النكت في إعجاز القرآن) للرماني تحدث فيه عن البلاغة وجعلها عشرة أبواب ويعد كتاب النكت بمضمونه له أثروا صحف تاريخ البلاغة فقد عرف بعض ألوانها تعريفا نهائيا وميز أقسامها وأفان في شرحها .


8-(كتاب العمدة) لابن رشيق القيرواني تحدث بالتفصيل عن فنون البيان .


9-(كتاب الصناعتين) لأبي هلال العسكري في كتابه دراسة دقيقة ومزيج من علمه الخاص وعلم من سبقوه مع الاكثار من الأمثلة والشواهد.


10-(كتاب أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز) لعبد القاهر الجرجاني يعد بحق واضع أسس البلاغة العربية والمشيد لأركانها والذي سار على نهجه المؤلفون من بعده سبب تأليفه لهذا الكتاب ؛انه في القرن الخامس بدأ يدب العف في اللغة وانصرف العلماء من مدلول الألفاظ ومواطن الجمال والكناية ووقفوا عند قوانين النحو مما أشفق منه عالمنا الجليل وعكف على التأليف دون فيهما علم البلاغة ووضع قوانين علميِّ البيان والمعاني.


الكتب التي شرحت كتابي دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة :


1-(كتاب الكشاف) لمؤلفه الزمخشري هذا الكتاب كان في تفسير القرآن وفيه نقل لما ذكره عبدالقاهر في كتابيه.


2-(مفتاح العلوم) لمؤلفه السكاكي كتابه كان بمثابة تلخيص دقيق يجمع فيه بين أفكاره وأفكار البلاغيين من قبله وعرف علم البيان بقوله:(هو قواعد وأصول يعرف بها إيراد المعنى الواحد بطرق متعددة).


 


- موضوع التشبيه


التشبيه تعريفه (بيان أن شيئآ شارك غيره في صفة أو أكثر بأداة الكاف ملفوظة أو مقدرة تقرب المشبة والمشبه به في وجه الشبه)


أركان التشبيه:


1-المشبه    2-المشبه به     3-أداة التشبيه    4-وجه الشبه .


أنواع طرف التشبيه:


1-حسيان يدركان بالحواس (مسموعات –ملموسات- مبصرات- مذوقات )


مثال : أنت نجم في رفعة وضياء             تجتليك  العيون شرقا وغربا                                                                                                     2- عقليان يدركان بالعقل


مثال: العلم كالحياة - الجهل كالموت -العلم نور


3- مختلفان أحدهما حسي والآخر عقلي .


مثال : أخلاقك كالعطر فالعطر محسوس ملموس أما الأخلاق فهي عقلية


أجود التشبيه وأبلغه ما يقع على أربعة أوجه:


1- إخراج ما تقع عليه الحاسة إلى ما تقع عليه :


مثال : قال تعالى:(مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ) (عدم الانتفاع)


2-ما لا تجري به العادة إلى ما جرت به العادة .


مثال: قال تعالى: (وإذا نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم ) (عدم الانتفاع)


3-ما لا يعرف بالبديهة إلا ما يعرف بها .


مثال : قال تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض) (العظم والتشويق للجنة )


4-إخراج ما لا قوة له في الصفة إلى ماله قوة .


مثال : قال تعالى: (وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام ) (العظم)


أداة التشبيه :


(هو لفظ يدل على المقاربة بين المشبه والمشبه به ويدل على المماثلة والاشتراك ) وهي على ثلاثة أنواع :


1-حرفان (الكاف)  إنها كالزهر _(كأن) كأن أخلاقك في لطفها نسيم الصباح


2- أسماء (مثل )


3- أفعال (يكاد- يخيل- يشبه)


- تابــــــع:التشبيه


التشبيه باعتبار الأداة ينقسم لقسمين:


1- تشبيه مرسل ما ذكرت فيه الأداة.


مثال : العمر مثل الضيف ليس له إقامة


2-تشبيه مؤكد ما حذفت منه الأداة


مثال: (هند قمراْ)


وجه الشبه:


(هو المعنى الذي يشترك فيه طرفا التشبيه تحقيقا وتخييلاْ والتشبيه)


 باعتبار وجه الشبه ثلاث أنواع :


1- تمثيلي وغير تمثيلي: التمثيلي يكون وجه الشبه فيه صورة من متعدد (مركب)غير التمثيلي مفرد.


مثال التمثيلي: قال تعالى:(مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة )


مثال الغير تمثيلي :


هو بحر السماح والجود فازدد         منه قرباْ تزدد من الفقر بعداْ


2المجمل والمفصل:


المجمل والمفصل ما ذكر فيه وجه الشبه والمجمل ما لم يذكر فيه وجه الشبه.


 مثال المفصل: يا شبيه البدر في الحســ   ــــن وفي بعد المنال


مثال المجمل: فإنك شمس والملوك كواكب       إذا طلعت لم يبد منهم كوكب


3-القريب والبعيد:


القريب الذي يعرف مباشرة من غير إعمال عقل وتدقيق


والبعيد هو الذي لا ينتقل فيه بين المشبه والمشبه به إلا بعد تفكير طويل .


 


 


-التشبيه المقلوب        - التشبيه البليغ         - التشبيه الضمني


1-التشبيه القلوب:


تعريفه (هو جعل المشبه مشبها به بإدعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر)


تقوم فكرته على قلب طرفا التشبيه


مثال : الورد كخدود الطفلة


فحمرة الخد تكون أكثر وضوحاْ بالورد من الخد بالعادة نشبه الخد بالورد لكن قلبت الصورة للمبالغة في وصف الجمال وحمرة الخد


أمثلة أخرى: البدر كوجهك - البحر كعطائك


مثال توضيحي آخر لتشبيه المقلوب:


إن السحاب لتستحي إذا نظرت         إلى نداك فقاسته بما فيها


تشبيه مقلوب فقد جعل السحابة تستحي من نفسها على الرغم من جودها إن قارنت نفسها بجود الممدوح و جرت العادة أن نشبه الإنسان في جوده بالسحاب.


وجه الشبه هو: الجود 


ملاحظة  * التشبيه المقلوب قائم على أن يكون المشبه أقل من المشبه به *


2-التشبيه البليغ:


تعريفه (هو ما حذفت منه الأداة ووجه الشبه )


مثال: إن الماء لجين - ثار البطل أسداْ .


التشبيه الضمني:


تعريفه: (هو الذي يفهم من سياق الكلام ضمنياً لم يصرح فيه بأداة التشبيه يحتاج إلى تفكير حتى نتوصل إلية وفهم لسياق الجملة )


مثال: من يهن يسهل الهوان علية      ما لجـــــرح بميت إيلام


يقول الشاعر الذي اعتاد على الهوان يسهل عليه تحمله ولا يتألم له مثله مثل الميت بمجرد خروج الروح لا يحس بأي ألم ولو مثّل بجثته .


أمثلة توضيحية لتشبيه الضمني:


قد يشيب الفتى وليس عجيباً أن    يرى النور في القضيب الرطيب 


معاني المفردات للبيت:


القضيب: الغصن الرطيب


النور :يقصد بها الأزهار البيضاء


الشاب قد يشيب ولم تتقدم به السن وهذا أمر ليس بغريب مثله مثل الغصن الغض الرطيب حين تنمو الأزهار البيضاء عليه.


 


-الحقيقة والمجاز      -المجاز العقلي


1-الحقيقة تعريفها: (هي استعمال اللفظ في معناه الحقيقي وفيما وضع له)


2-المجاز ينقسم إلى :


أ-مجاز عقلي


ب- مجاز لغوي (مجاز مرسل - مجاز إستعاري )


2-المجاز العقلي تعريفه: (هو إسناد الفعل أو فيما معناه إلى ملابس له غير ما هو له بالتأويل)


*علاقات المجاز العقلي بالأمثلة:


1-العلاقة السببية:


مثال : (يفعل المال ما تعجز عنه القوة )


المجاز في كلمة ( المال )


حيث أسند افعل للمال إسناد غير حقيقي أن المال لا يفعل إنما صاحبه الذي سيفعل مجاز عقلي علاقته سببية .


2- العلاقة الزمانية:


مثال:  ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا         ويأتيك بالأخبار ما لم تزود


الفعل ستبدي لك الأيام أسند إلى غير فاعله الحقيقي والفاعل الحقيقي هي الحوادث التي تحدث في تلك الأيام وسوغ هذا الإسناد أن الأيام زمان .


3- العلاقة المكانية:


مثال:  ذهبنا إلى حديقة غناء


لفظ غناء مشتق من الغن والحديقة لا تغني إنما الذي فيها فكان الإسناد من باب المجاز العقلي .


4-العلاقة المفعولية :


مثال : لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى       ونمت وما ليل المطي بنائم


المجاز في قولة (نائم )حيث أسند المبني للفاعل النوم (نائم) إلى الليل هو مجاز غير حقيقي لأن الليل لا  ينام بل من فيه .


5-العلاقة الفاعلية:


  مثال : (إنه كان وعده مأتيا)


المجاز في كلمة (مأتيا) جاءت بدل كلمة آت فاستعمل هنا أسم المفعول مكان اسم الفاعل وهذا مجاز عقلي علاقته فاعلية .


6-العلاقة المصدرية :


مثال : (فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة)


الفعل نفخ مبني للمجهول لم يسند إلى نائب فاعله الحقيقي وإنما أسند إلى مصدره - نفخة- لعلاقة المصدرية.


 


 


- المجاز اللغوي


  المجاز اللغوي ينقسم إلى قسمين :


1-المجاز المرسل               2-المجاز الإستعاري


أ-المجاز المرسل : هو ما كانت علاقته غير المشابهة.         ب-المجاز الإستعاري: تكون علاقته بالمشابهة.


تعريف العلاقة: ( هو الأمر الذي يقع الارتباط به يبين المعنى الحقيقي والمجازي ).


تعريف القرينة : (الأمر الذي يصرف الذهن عن المعنى الحقيقي إلى معناْ مجازي).


*عللي: سمي المجاز المرسل بهذا الاسم .


لإرساله عن التقدير العلاقة المشابهة.


*عددي علاقات المجاز المرسل مع ضرب أمثلة وشرحها.


1-السببية:


مثال : قال تعالى (فمن شهد الشهر منكم فليصمه) .


المجاز هنا في لفظ (الشهر) والشهر لا يشاهد بل الهلال الذي يظهر أول ليلة في الشهر والهلال سبب وجود الشهر.


2- مسببة :


مثال : قال تعالى (وينزل لكم من السماء رزقاْ)


المجاز كلمة (رزق) والرزق لا ينزل من السماء ولكن الذي ينزل منها المطر الذي ينبت النبات .


3- الجزئية: (يطلق الجزء ويراد الكل ).


مثال : قال تعالى (فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها).


المجاز في قوله (عينها) والذي يهدأ النفس والجسم لا العين ولهذا أطلق الجزء العين وأراد الكل النفس والجسم.


4-الكلية: (يطلق الكل ويراد الجزء).


مثال :قال تعالى (جعلوا أصابعهم في آذانهم)


المجاز (أصابع) أطلقت وأريد بها الأنامل (أطراف الأصابع).


5- اعتبار ما كان :


مثال :قال تعالى (وأوتوا اليتامى أموالهم).


اليتيم الذي مات أبواه والأمر الوارد بالآية ليس إعطاء المال لليتيم وهو صغير بل إذا كبر وأصبح في سن الرشد بعد أن كان يتيم وهو صغير.


6-اعتبار ما يكون:


  مثال: قال تعالى (أني أراني أعصر خمرا).


المجاز (أعصر خمرا) فالخمر لا يعصر وإنما العنب يعصر ويتحول ويكون بعد ذلك خمر.


7- المحلية: (ذكر لفظ المحل وأريد الحال)


 مثال : قال تعالى(فليدع نادية- سندع الزبانية)


(نادية) النادي مكان الاجتماع لأي جهل فيها سخرية استخفاف بعد ما آل إليه حالهم من الذل والهوان .


8- الحالية: (ذكر لفظ الحال و أوريد المحل )


مثال : قال تعالى (أن الأبرار لفي نعيم )


المجاز (نعيم ) حال المؤمنين والنعيم لا يحل إلا بالمحل أو المكان الذي فيه الإنسان و أوريد الجنة .


9-الآلية:


مثال : قال تعالى (واجعل لي لسان صدق في الآخرين)


المجاز كلمة (صدق) الذي هو آلة القول وأداته وإرادة الأثر الناتج عنه وهو القول.


10-المجاورة:


مثال: فشككت بالرمح الأصم ثيابه      ليس الكريم على القنا بمحرم


(شككت ثيابه) أي شككت قلبه المجاز في ثيابه التي أراد بها قلبه أي مكان آخر يطعن فيه مجاورة الثياب للجسم  .


الاستعارة :


عرفي الاستعارة لغة :(هي رفع الشيء وتحويله من مكان لآخر).


الاستعارة اصطلاحا :(استعارة بعض الألفاظ في موضع بعض على التوسع والمجاز )


*الاستعارة هي ضرب من المجاز اللغوي علاقته المشابهة دائما بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي (تشبيه حذف إحدى طرفيه)


أقسام الاستعارة من حيث طرفيها: 1- تصريحيه     2-مكنية


1-الاستعارة التصريحيه: هي ما صرح فيها بلفظ المشبه به   (المشبه محذوف)


2-الاستعارة المكنية:هي ما حذف فيها المشبه به         (المشبه به محذوف)


(إجراء الاستعارة) -أمثلة -


1- وإذا المنية أنشبت أظفارها              أبصرت كل تميمة لا تنفع


شبه المنية (الموت) مثله مثل حيوان مفترس لجامع إزهاق الروح حذف المشبه به الحيوان المفترس وأتى بشيء من لوازمه  وهو أظفارها على سبيل الاستعارة المكنية . القرينة لفظت (أظفارها)


2- أذا ألم البرق في كفه                 أفاض على الوجه ماء النعيم


شبه الممدوح مثله مثل ذلك البرق لجامع اللمعان حذف المشبه الممدوح وصرح بلفظ المشبه به (البرق) على سبيل الاستعارة التصريحيه . القرينة لفظة كانت في كلمة (كفاه)


أقسام الاستعارة من حيث اعتبار اللفظ :


1-استعارة أصلية                2-استعارة تبعية


أ-الاستعارة الأصلية (هي ما كان اللفظ المستعمل فيه اسم جامد غير مشتق)


مثال: كوكب –قيان- حديقة


1-حملت إليه من لساني حديقة        سقاها الحجا سقي الرياض السحائب


الاستعارة لفظ (حديقة) حيث شبه شعر الشاعر بالحديقة لجامع الجمال في كل حذف المشبه الشعر وصرح بلفظ المشبه به (حديقة) على سبيل الاستعارة التصريحيه . القرينة (لساني) وهي أشعار أصلية لان لفظ (حديقة) جامد .


ب-الاستعارة التبعية: (هي ما كان فيها اللفظ المستعار مشتق غير جامد)


1-بلد صحبت به الشبيبة والصبا             ولبس ثوب اللهو وهو جديد


الاستعارة في لفظ ( لبس) شبة التمتع واللهو باللبس الثوب الجديد بجامع السرور في كل ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو اللبس للمشبه وهو التمتع باللهو ثم انتقى من اللبس الفعل ليس بمعنى تمتع . القرينة لفظية هي (ثوب اللهو )يجوز أن يشبه اللهو بإنسان له ثوب ثم يحذف المشبه به ويرمز له بشيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية .


*ملاحظة* كل استعارة تبعية قرينتها استعارة مكنية واذا أجريت في واحدة منها  امتنع إجراؤها في الأخرى .


تقسيم الاستعارة باعتبار الملائم:


1-مرشحة .      2-مجردة .          3-مطلقة .


أ-مرشحة : (هي ما ذكر معها ملائم المشبه به )


قال تعالى: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم )


تــــابع: الاستعارة


استعارة تصريحيه في لفظة اشتروا فقد استعير الإشتراء للاختيار القرينة (الضلالة) وهي قرينة لفظية .


ب-الاستعارة المجردة: (هي ما ذكر معها ملائم المشبه)


مثال: لاتتفكهوا بأعراض الناس شر الخلق الغيبة .


الاستعارة في لفظة (لا تتفكهوا) حيث الشبه التكلم بأعراض الناس إلى الفكاهة بجامع الميل حذف المشبه وصرح بلفظ المشبه به على سبيل الاستعارة التصريحيه القرينة (أعراض الناس) ما لائم المشبه (فشر الخلق الغيبة)


ج-الاستعارة المطلقة : (ما خلت من ملائمات الشبه به والمشبه أو ما ذكر معها ما يلائم الشبة به والمشبه معا ).


قال تعالى: (إنا لما طغى الماء حملناكم بالجارية )


الاستعارة في كلمة (طغى) حيث شبه زيادة الماء بالطغيان لجامع تجاوز الحد ثم اشتق من الطغيان الفعل طغى على سبيل الاستعارة التصريحيه .القرينة المانعة (الماء) وهي خالية  مما يلائم المشبه والمشبه به تسمى استعارة مطلقة .


مثال :ما لائم المشبه وما لائم المشبه به .


- رمتني بسهم ريشة الكحل لم يضر                ظواهر جلدي وهو للقلب جارح


(سهم) استعارة تصريحيه شبه الطرف بالسهم لجامع الإصابة بالضرر حذف المشبه وصرح بلفظ المشبه به على سبيل الاستعارة التصريحيه .القرينة هي (الكحل) ملائم المشبه به (السهم) هو الريش وملائم المشبه الطرف هو الكحل .


-الاستعارة التمثيلية


ايضا تنقسم الاستعارة على مفرد ومركب فالمفرد ما كان المستعار لفظ مفرد كما هو الشأن في المكنية التصريحيه إنما المركبة ما كان المستعار تركيبا


تعريفها: (هي تركيب استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي .


مثال: ومن ملك البلاد بغير حرب              يهون عليه تسليم البلاد


(يقال لمن يبعثر فيما ورثه عن والديه) فالمعنى الحقيقي للأبيات أن من يستولي على البلاد بغير تعب وقتال يهون عليه فيما بعد أن سيلمها للأعداء و الاستعمال المجازي هو الوارث الذي يبعثر فيما ورثه عن والديه لعلاقة المشابهة شبه حال الوارث الذي يبعثر فيما ورثه عن والديه بحال من استولى على البلاد من غير تعب ولا قتال فهان عليه تسليمها للأعداء  بجامع التفريط ثم استعير التركيب للمعنى المجازي المذكور على سبيل الاستعارة التمثيلية .


*مكانة الاستعارة في البلاغة :


1-تجسيم الأمور المعنوية وابرازها للعيان في صورة شخوص وكائنات حيية .


2-تعطينا الكثير من المعاني باليسير من اللفظ .


3- التشخيص التجسيد وبث الحركة والحياة وانطق في الجمادات .


4-إبراز المعنى الموهوم إلى الصورة المشاهدة .


 


الكناية :


 


الكناية في اللغة: (هي مصدر كنيت بكذا إذا تركت التصريح به ).


في الاصطلاح: (لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع جواز أرادة ذلك المعنى)


أقسام الكناية باعتبار المكنى عنه:


1-كناية الصفة: (هي التي يطلب بها نفس الصفة والمراد الجود-الشجاعة ...)


مثال: بعيدة مهوى القرط إما لنوفل        أبوها إما عبد شمس


الكناية في قوله (بعيدة مهوى القرط)وهي تعنى المسافة مابين شحمة الأذن وإلى الكتف فأن أبي ربيعة يصف صاحبته بانها طويلة الجيد ولهذا عدل عن التصريح بهذه الصفة إلى الكناية لأن بعد المسافة بين شحمة الأذن والكتف يستلزم طول الجيد .


2-كناية الموصوف: (هي التي يطالب بها نفس الموصوف ) .


مثال :فلما شريناها ودب دبيبها        إلى موطن الأسرار قلت لها قفي


الكناية في قوله (موطن الأسرار) حيث أراد أبو نواس أن يقول انه لما شرينا الخمر وسرى مفعولها على القلب والدماغ قلت لها كفي لم يذكر هذا المعنى صراحة بل كنى له بقوله (موطن الأسرار) ومن هذا يفهم أن موطن الأسرار هو القلب والدماغ .


3-كناية النسبة: (هي إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه)


مثال : إن السماح والمروءة والندى          في قبة ضربت على ابن الحشرج


أراد في هذا البيت أن يثبت هذه المعاني والأوصاف للممدوح واختصاصه بها فهو لم يعبر عنها بصريح اللفظي بذل عن ذلك بالكناية نجعل هذه الصفة كالقبة المضروبة عليه .


*ما الفرق بين الكناية والاستعارة؟!


1-كل كناية استعارة وليس كل استعارة كناية .


2-الاستعارة لفظها صريح والكناية ضد الصريح.


3-نسبة  الكناية إلى الاستعارة نسبة  خاص إلى عام .


4-الاستعارة لا تحمل ألا على جانب المجاز أما الكناية فحملها على جانب الحقيقة والمجاز.


التعريض: (هو لفظ دال على الشيء من طريق المفهوم لا بالوضع الحقيقي ولا المجازي )


*ما الفرق بين الكناية والتعريض ؟!!


1-المعنى في التعريف يفهم من عرضه أي جانب .


2-الكناية تشمل اللفظ الفرد والمركب أما التعريض باللفظ المركب.


مثال لتعريض: قال تعالى (ما نراك إلاّ بشرا مثلنا)


تعريض بانهم أحق بالنبوة منه ولو أن الله لو شاء أن يجعلها في أحد من البشر لجعلها فيهم.


-بلاغة الكناية :


1-هو الأسلوب الوحيد الذي يستطيع به المرء أن يتجنب التصريح بالألفاظ السيئة والكلام الحرام يكفي بالرمز والإيحاء.


2-تجسيم المعنى واظهارة للعيان في صورة رجل .


3- تفخيم المعنى في نفوس السامعين .


4-البالغة في المعنى وإثبات الصفة وإعطاء الحقيقة مصحوبة بالدليل .


 

المجاز العقلي والمجاز المرسل 2

ما الحقيقة فيها؟
الحقيقة فيها هي: انس ذكر الأغاني ـ تحقق الموت ـ لا تهتم بالدنيا وما فيها
عرفت سابقا المجاز اللغوي. فما هو؟
المجاز اللغوي هو استخدام ألفاظ اللغة وتراكيبها في غير ما وضعت له
ما هي أهم أنواع المجاز التي عرفتها؟
أهم أنواع المجاز التي عرفتها هي: المجاز العقلي والمجاز المرسل.
ما هو المجاز العقلي؟

المجاز العقلي:

المجاز العقلي هو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة الإسناد الحقيقي، فلو قلنا « بنى وزير التعليم العالي جامعةٌ » استعملنا فعل بنى في معناه، وكذلك كلمة الوزير، وأردنا منها دلالتهما الموضوعة، ولكننا سلكنا مسلك مجاز آخر هو الموسوم بالمجاز العقلي والذي يكون فيه المجاز في إسناد وبناء الجامعة إلى الوزير، أي أنّنا ادّعينا في العقل أنّه الوزير، لأنّه الآمر بالبناء مسبِّبهُ هو الباني مع أنه ليس الباني حقيقة. وهذا يختلف عما لو استعملنا لفظ السبب في المُسَبّب وأردنا منه المُسَبِّب كما في المجاز اللغوي المرسل، حيث لا يعود الوزير مستعملاً في الموضوع له. والعقل هو القرينة على هذا المجاز العقلي وهذا الادعاء والتنزيل، وهذا المجاز في الإسناد، لأن الوزير يستحيل في العادة أن يبنيَ جامعةً وحده، بل هو لا يشارك في بنائها في العادة إلا رمزياً بوضع حجر الأساس، بل رجاله من مهندسين وعُمال هم الذين قاموا بهذا العمل، وإسناد البناء إليه مجاز عقليّ وإسناد للفعل إلى غير صاحبه.
ولِهَذَا النَّوعِ مِنَ المَجَازِ علاقاتٌ مختلفةٌ باختلافِ الإسنادِ سنوضِّحُهَا مِنْ خِلَالِ الأمثِلَةِ الآتيةِ:

علاقة السببية:

يقولُ اللهُ سبحانَهُ حِكَايَةً عَنْ فِرعَونَ ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ﴾
فِي هَذِهِ الآيةِ نجدُ يُشبه في تحليله المثل السابق، فالفعلُ « ابنِ » أسنِدَ إلَى غيرِ فاعِلِهِ الحقيقيّ، فإنَّ هَامَانَ – وهُوَ الوزيرُ والمستشارُ – لَا يَقومُ بِفعلِ البِنَاءِ بنفسِهِ، وإنَّمَا مَنْ يَقُومُ بالفعلِ هُمُ العمَّالُ والبنَّاؤونَ، وهُوَ مَنْ يُعطِي الأَمرَ، ولكنْ لمَّا كانَ هَذَا الوزيرُ سَبَباً فِي بِنَاءِ الصَّرحِ، أُسنِدَ الفعلُ إليهِ. فعلاقَةُ هَامَانَ بالبِنَاءِ علاقَةٌ سَبَبِيَّةٌ، ولأنَّ الفِعلَ – هنَا – أُسنِدَ إِلَى سَبَبِهِ، وَهَذَا الإِسنَادُ غيرُ حقيقيّ، لأنَّ الإسنَادَ الحقيقيّ هُوَ إسنَادُ الفِعْلِ إلَى فَاعِلِهِ الحقيقيّ، فالإسنادُ هَذَا مَجَازِيٌّ، ويُسَمَّى بـ « المجاز العقلي ».

علاقة الفاعلية:

يقولُ الشَّاعِر: سَتُبدي لَكَ الأَيّامُ ما كُنتَ     جاهِلاً وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تُزَوِّدِ
فِي هَذَا البيتِ إسنادُ الإبداءِ إلَى الأيَّامِ، ونَحنُ نَعلمُ أنَّه لَا يُمكنُ للأيَّامِ أنْ تُبدِيَ وتُظهِرَ، وإنَّمَا هِيَ زمانٌ لِحُصولِ الإبْدَاءِ، وقَد أرادَ الشَّاعرُ حقيقةً أنْ يقولَ لمُخَاطَبِهِ: إنَّ حَوادِثَ الأيَّامِ ستُبدِي لَكَ، فإسنادُهُ الإبْدَاءَ إلَى الأيَّامِ، مجازٌ عقليٌّ، وبِمَا أنَّ الأيَّامَ جزءٌ مِنَ الزَّمَانِ، ومَحَلٌّ لِوقُوعِ الإبداءِ، تكونُ العلاقَةُ علاقَةً « زمانيّة ».

علاقة المكانية:

يقولُ الحَيصَ بِيص: مَلكْنا فكان العَفْوُ منَّا سَجيَّةً          فلمَّا مَلَكْتُمْ سالَ بالدَّمِ أبْطَحُ
لَقَدْ أُسْنِدَ سَيَلانُ الدمِ إلَى أبطحَ، أيْ إلَى غَيرِ فَاعِلِهِ لأنَّ الأبطَحَ مكانُ سَيَلانِ الدَّمِ وهُوَ لَا يَسِيلُ، وإنَّمَا يَسِيلُ مَا فيهِ وهُوَ الدَّمُ، ولمَّا كانَ الإسنادُ إلَى مَكانِ جَرَيانِ الدَّمِ صَارَ الإسنادُ مجَازِيَّا عَلاقَتَه « المكانيةُ ».

ما هو المجاز المرسل؟

المجاز المرسل:

هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة، ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ. أو هو كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة.
مثال لذلك: " قبضنا على عين من عيون الأعداء"
فلفظ عين هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس.
وعلاقات المجاز المرسل كثيرة أهمها:

الجزئية:

عندما نعبر بالجزء ونريد الكل. قال تعالى: (فتحرير رقبة مؤمنة) فكلمة (رقبة) مجاز مرسل علاقته الجزئية؛ لأنه عبر بالجزء (الرقبة) وأراد الكل (الإنسان المؤمن).

الكلية:

عندما نعبر بالكل ونريد الجزء. قال تعالى: (يجعلون أصابعهم في آذانهم) فــ (أصابعهم) مجاز مرسل علاقته الكلية؛ لأنه عبر بالكل (أصابعهم) وأراد الجزء (أناملهم أي أطراف أصابعهم).

المحلية:

عندما نعبر بلفظ المحل ونريد الموجود فيه. قال تعالى: (واسأل القرية) فــ(القرية) مجاز مرسل علاقته المحلّية؛ لأنه ذكر القرية وأراد أهلها الذين محلهم ومكانهم القرية، فالعلاقة المحلية.

 اعتبار ما كان:

بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للماضي في الحال. قال تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم.) المجاز في كلمة: اليتامى، فهي في غير معناها الأصلي؛ لأن اليتيم وهو: من فقد والده قبل الرشد لا يأخذ ماله، وإنما يأخذ المال عندما يتجاوز سن اليُتْم ويبلغ سن الرشد، فاستعملت كلمة يتامى وأريد بها الذين كانوا يتامى، بالنظر إلى حالتهم السابقة.

 اعتبار ما سيكون:

بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للمستقبل في الحال. قال تعالى: (إنَّكَ ميتٌ وإنهم ميتون) المجاز في كلمة: ميتٌ، فهي في غير معناها الأصلي؛ لأن المخاطب بهذا هو النبي -صلى الله عليه وسلم -وقد خوطب بلفظ (ميت) وهو لا يزال حيًا بالنظر إلى ما سيصير إليه أي باعتبار ما سيكون.

ما الذي يقدمه المجاز المرسل للكلام بلاغيا؟
الإيجاز والدقة في اختيار العلاقة مع المبالغة المقبولة.

تمرين تطبيقي:

وضّح المجاز العقلي فيما يأتي وبين علاقته وقرينته:

قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا ﴾
كان المنزلُ عامراً            وكانَت حجرُهُ مضيئةً
عظمتْ عظمَتُهُ                وصَالتْ صولتُه
لقد لمتِنَا يا أمَّ غيلانَ فِي السُّرَى         ونمتِ وما لَيْلُ المَطّيِّ بنائِمِ
ضربَ الدهرُ بينهم                       وفرَّق شملَهم
والهمُّ يَختَرِمُ الجسيمَ نحافةً               ويُشيبُ ناصيةَ الصبيِّ ويُهرِمُ
فبتُّ كأنِّي ساوَرَتنِي ضئيلةٌ               مِنَ الرُّقشِ فِي أنيابِها السُّمُّ ناقعُ

بين كل مجاز مرسل وعلاقته فيما يأتي:

  قال تعالى: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ.) (إبراهيم: من الآية 37).
 سأوقد نارا.
 له أيادٍ عليّ سابغةٌ.
 تفرقت كلمة العرب.
 سكن الكثير من العظماء مصر.
 وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام: (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً) (نوح:27)
(.. فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (آل عمران: من الآية 107)
(.. فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ.) (طـه: من الآية 40)
 

الحبكة والعقدة المعنى والنوع والخصائص والتمثيل


- العقدة أو الحبكة :

الحبكة وأشكال الحكاية فـي القصـة القصيرة جداً

 

 

د. يوسف حطيني

1 خصوصية الحبكة
فـي القصة القصيرة جداً:

تتناول هذه الدراسة وجهاً من أوجه الحكائية التي تعدّ عنصراً لازماً غير كافٍ، من عناصر القصة القصيرة جداً، إذ ستتناول بالتنظير والتحليل الحبكة وعلاقاتها وأجزاءها، وأشكال الحكاية في هذا الفن. وتعني الحبكة الطريقة التي يتم بها سرد الأحداث، انطلاقاً من علاقة السببية التي تربط المقدّمة بما بعدها، والنتيجة بالسبب، والأحداث اللاحقة بالأحداث السابقة، وكل ذلك بالنهاية. وتنبع خصوصية الحبكة في القصة القصيرة جداً من انعكاس التكثيف الذي تشترطه على حجم النص؛ إذ تبدو كلُّ علاقةٍ لا وظيفةَ لها، ناشزةً بشكل واضح للعيان.

على أن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أنَّ العلاقة الحبكوية التي تنتظم الحوادث المختلفة يجب أن تعبّر عن وظيفتها السببية بشكل مباشر، لأنّ الشكل هو خيار المبدع، فهو الذي يختار التعليل المباشر، أو غير المباشر، لبنائها.

وقد تنبه النقاد منذ أقدم العصور إلى أهمية الحبكة إذ تنبه أرسطو إلى أهميتها منذ عهد بعيد، وقدمها على عناصر القص جميعاً حين أكد أنّ «أكثر تلك العناصر أهميةً هو بناء الأحداث (الحبكة(1))» فيما سمّى طودوروف نوعَيْ السببية التي تفترضها الحبكة: بالسببية الصريحة وغير الصريحة(2).

ويمكن لنا أن نشير ها هنا إلى القاص مصطفى الغتيري الذي يلجأ غير مرة إلى بناء الحبكة في القصة القصيرة جداً بناء سببياً تعليلياً، مستثمراً الصيغ اللغوية المختلفة التي يتيحها نظام الجملة العربي، على نحو ما نجد في قصة «وثيقة(3)»، وقصة «المتشائل(4)»، وقصة «أسرة» التي تستعين بالحوار، لتقدّم حكاية تحفر بكثير من الأناة وجدان القارئ، وتقدّم شخصية الأب في أنصع صورة للفداء. فالأسرة التي تقدمها القصة تشعر كلّها بالسعادة، ولكل من أفرادها أسبابه، والمفارقة المدهشة تبنى على تسويغ سعادة الأب الحزين في أعماقه حتى نقيّ العظم. تقول القصة:
«قال الابن :
- أنا سعيد ، لأن أبي يشتري لي كل ما أحتاجه.
- قالت البنت :
- أنا سعيدة لأن أبي يسمح لي بالذهاب أينما شئت.
- قالت الزوجة :
- أنا سعيدة لأن زوجي أبدا لا يرفض لي طلباً.
ـ قال الزوج ، وقد طفرت من عينيه دمعة :
- حتما ، يجب أن أكون سعيدا لأن كل من حولي سعداء(5)».

وثمة شكل آخر من أشكال السببية التي تنظم حبكة الحوادث، يعتمد على صياغة لغوية، غير تعليلية في وظيفتها الدلالية الأساسية، ولكنها تفيد من موقعها الحدثي والسردي ، لتعلّل ارتباط الأحداث بعضها ببعض، وسيرها نحو النهاية. ومن ذلك قصة «رؤى العتمة» لمهند العزب» الذي يضع الجملة الاسمية في سياق تسويغي:
تبتسم الأم عندما تشاهد طفلها الكفيف، نائماً بين إخوته، فكلهم الآن ـ مغمضي الأعين ـ يرون الأحلام(6)».

وثمة قصص قصيرة جداً تحيل حبكتها على سببية ضمنية، لا يدعمها السياق اللغوي، ولكنها تتضح عن طريق متابعة دلالات الوحدات الحدثية الصغرى التي يقدّمها السرد. ويمكن هنا أن نستشهد بقصة «يائس» لعبد الإله الخديري التي تعلل انكفاء البطل عن صحوة موته:
«استفاق بعد سبات، بالجانب الأيمن حوائج قديمة، سلة ماتت فاكهتها، بيسراه ما زالت نظارته مضببة تحمل ندوب الشهقة الأخيرة، على الرفوف فواتير أخرى تنشد الأداء المستعجل. توسّد ذراعه اليسرى، وعاد للوفاة(7)».

وثمّة في السرد عموماً نوعان من الحبكة: بسيطة ومعقّدة، فالحبكة البسيطة هي «ذلك الفعل الواحد المتواصل (...) والذي يتغير فيه خط البطل دون حدوث (تحول) أو (تعرف(8)). أما الحبكة المعقدة فهي التي يتغير فيها خط البطل عن طريق (التحول) أو (التعرف)، وإما بهما معاً(9)».

وإذا كان نوعا الحبكة حاضرين بشكل عام في الرواية، بسبب تعدد الشخصيات، وتعدد الأبطال، فإن القصة القصيرة جدّاً تفترض ـ في رأينا ـ الاعتماد على الحبكة المعقّدة، دون غيرها. ولا نقصد هنا بتعقيد الحبكة اعتمادها على عُقَد متعددة، بل على ضرورة تغيّر الخط الذي يسلكه البطل نتيجة التعرف أو التحوّل حسب المصطلح الأرسطي، بعد مواجهته حوادثَ أو ظروفاً أو أقوالاً، تقوده إلى موقف جديد.

في قصة بعنوان «الماس والفحم» يقدّم القاص أسامة حويّج العمر حبكته القصصية من خلال شخصيتين بشريتين لا تتغيران، ولكن نقاشهما يُحدث التغيير في شخصيات تنتمي إلى عالم الجمادات:
«تجادل شابان ، الأول ثري و الثاني فقير حول مستقبل كلّ واحد منهما . فوضع الثّري قطعة ماس كبيرة على الطاولة و قال بحماسة: هذا هو مستقبلي. و وضع الفقير قطعة فحم حجري و قال بيأس: هذا هو مستقبلي . ثم خرج الاثنان كلٌّ في طريق ، لكن الماسة شعرتْ بالحنين إلى أصلها … فاقتربت من قطعة الفحم والتصقت بها بقوة !(10)».

وينبغي التنبيه هنا على أنّ اعتماد العقدة البسيطة (حيث لا تغير لموقف البطل) يحوّل القصة القصيرة جداً إلى حالة سردية، ، وقد وقع كثير من كتاب القصة القصيرة جداً، ومن بينهم منظّرون لها، في مأزق (الحالة القصصية) وقدّموا في بعض قصصهم مادة حكائية هلامية، ينقصها التشويق، وتعوزها لحظة التنوير، ومن ذلك ما نقرؤه عند حميد ركاطة، أحد المبدعين والنقاد المتحمسين لهذا الفن، في قصة «بروميتيوس»، إذ يستثمر طاقات اللغة الفعلية والمجازية لتقديم سرد لا يرقى إلى حالة الحكائية التي تتطلبها القصة القصيرة جداً، بلا هوادة:
«الشاعر يكتب فوق المكتب
يكتب بروميتيوس في وحدته مثلاً
يدخّن القنّب المغربي،
يشرب قهوته،
ويفكّر في شيء ما:
قصيدة مثلاً أو سرطان(11)».

ومن أمثلة (الحالة القصصية) أيضاً ما نلمسه عند محمد غازي التدمري في عدد قليل من نصوصه (إذ قلما يفلت من يده زمام الحبكة). ونشير هنا بالتحديد إلى نص دون عنوان ينتمي إلى سلسلة حكائية عنوانها «أميرة المشاوير»، يستند فيه القاص إلى المجاز، على حساب صناعة الحبكة التي تسهم، من خلال شكلها، في إعطاء القص القصير جداً دلالته النهائية:
«كم كنت أتمنى لو أنساك في ليلة الاستباحة.
كم أحبّ أن أذكرك في ثمالة الكأس الأخيرة.
أيُّ طقس هذا للفجيعة
يجعل الشياطين تراقص مرايا الندم(12)».

2 عناصر الحبكة
تُكوّن ثلاثية (البداية ـ العقدة ـ النهاية) العناصر الأساسية التي تشكّل الحبكة القصصية. وعلى الرغم من وضوح التقسيم، نظرياً وتطبيقياً، في الرواية والقصة، فإنه يبدو مثيراً في القصة القصيرة جداً، خاصة عندما تميل القصة إلى التكثيف الشديد، وتصل إلى حد بالغ من القصر (عدد قليل جداً من الكلمات)، إذ يغدو جسد القص غير طيّع أمام التقسيم المنهجي.

وتكتسب البداية أهميتها الكبرى، كما تؤكد الدراسات النقدية المختلفة، من كونها أول ما يصادف القارئ، وفي حالة القصة القصيرة جداً تغدو أول ما يخطف بصر القارئ، وهذه هي مهمة القاص الصعبة، إذ عليه، بجملة واحدة في معظم الأحيان، أن يأخذ بيد القارئ، دون إرباك ودون تنفير، إلى الجمل التي تليها.
وثمة أشكال مختلفة للبداية القصصية يمكن أن يستثمرها القاص، وقد أشار إلى عدد منها الأستاذ د. جميل حمداوي في المبحث الخامس من مقاربته الميكروسردية، فذكرَ البدايات التأملية والشاعرية والحُلمية والسببية والزمانية والمكانية والحدثية والوصفية والشخوصية والحوارية والحكائية(13).

والواقع أن هناك أشكالاً لا تحصى للبدايات التي يقترحها المبدعون، وإن كنت أرى أن الأشكال التي ذكرها الحمداوي تثير بعض الملاحظات التي تدور بشكل أساسي حول تطويع هذه الأشكال للتكثيف الذي تقتضيه القصة القصيرة جداً، خاصة في البدايات الوصفية والتقريرية والإنشائية. وإن التعامل مع هذا النوع من البدايات يتم من منطق الضرورة لا من منطق الاستعراض؛ إذ ليس ثمة وصف يفيد القصة القصيرة جداً إلا إذا كان شديد التكثيف، وذكيّ التوظيف في تطوير السرد، وإذا كان أي خلل من هذا النوع يمكن أن يختفي على مساحة السرد في الرواية مثلاً، فإنه في القصة القصيرة جداً يظهر ناشزاً للقارئ دون عناء.

فإذا لجأ القاص مثلاً إلى التفصيل غير الموظّف في بدايته القصصية، فإن ذلك سيعوّق الحكاية، وسيربك الحبكة، ويمكن أن نمثّل بقصة «الجامعة» للقاص ناصر سالم الجاسم؛ إذ يقدّم لنا في البداية بانوراما وصفية تقود إلى مجموعة من الشخصيات، راصداً تلك الشخصيات في حالاتها المختلفة دون أن يعنى بتطوير حكاية تنبثق من علاقتها بعضها ببعض، ولعل ما أسهم في عرقلة الحكاية اعتماده في بداية القصة على الجملة الإسمية التي يمكن أن تقدم وصفاً جيداً لقصة قصيرة:
«السور رفيع، الباب موصد، النوافذ علوية زجاجية عاكسة، موظفو الأمن عند بوابة الخروج ببذلاتهم الأنيقة يطابقون الأسماء في البطاقات المحددة ويطلون برؤوسهم داخل السيارات من خلال نوافذ السائقين وينظرون إلى الأجساد الجالسة والحلي الفارة من سواد العباءات السوداء والحقائب الجلدية الموضوعة فوق كل حجر، والرجال في المواقف المكشوفة للشمس ينتظرون ويدخنون ويقرؤون الصحف اليومية بدون شهوة، كنت منتظراً معهم، وأسأل نفسي: كم جميلة بداخل هذا المبنى؟ كم عاشقة خلف هذا السور؟ كم خائنة في قاعة المحاضرات تناقش بارتياح؟ كم حبلى واقفة في طابور الكافيتريا تمد يديها أمام بطنها تخشى الإجهاض؟ وكم..؟ وكم..؟(14)».

وإذا قدّم القاص بداية فضائية، فيها بعض التزيّد، فإن ذلك سيجعل الحبكة مترهلة، على نحو ما نجد في قصة «حنين» لفاطمة بن محمود التي تقول:
«في الغرفة المجاورة ينام طفلهما بسلام.
الآن هما... في الفراش.
في عمق الظلام يتعانقان في صمت.
تتحسس رقبته بكف ناعمة، ويضغط على خصرها برقّة، ويلتحمان...
بعيون مغمضة... كل واحد يترك جسده للآخر
في منتهى السكون أنفاس حارة وآهات كلّ منهما يتخيّل حبيباً أضاعه في رحلة العمر(15)».

والآن.. ليجرّب القارئ أن يقرأ النص مرتين، على أن يحذف في المرة الثانية السطرين الأول والثاني، وليكتشف من ثم أنه لا فرق بين الدلالتين، وأن وجود السطرين، لا فائدة ترجى منه، سوى في زيادة مساحة الفضاء الطباعي.
بالمقابل، فإنّ قصة «خنـز» لعبد الله المتقي التي سنورد بدايتها فقط، تُنوّع في صياغة الفضاء تنوعاً شديداً وتؤثثه بالمساحة والصوت والرائحة، لتبني بداية ناجحة وسهمية، يستطيع البطل أن يتحرّك خلالها:
«الغرفة شاحبة... الصمت مقلق... الرائحة خانزة.. كان متكوّماً فوق السرير، ...(16)»

كما تمكن الإشارة إلى قصة «بوح» لأحمد جاسم الحسين، للتدليل على أن البداية الفضائية يمكن أن تصبغ القصة كلها بطابعها، تقول القصة:
«في حديقة تشرين التي تمتد من ساحة الأمويين إلى قصر تشرين جلسنا على مقعد خشبي قديم، كانت الأشجار كثيرة، والبشر قليلين، وقاسيون شامخاً، بدأت بالبوح لها، وهو ما أحاوله منذ سنتين في حديقة كلية الآداب الضيقة(17)».

أمّا فيما يتعلّق بالعقدة التي تمثّل ذروة الصراع بين البطل والبطل المضاد، أو البطل والظرف المضاد، فإنّ القصة القصيرة جداً تنأى عن العقدة الكبرى التي تتشعب إلى مجموعة من العقد الصغيرة، وتتمحور حول عقدة واحدة، تتجه الحكاية نحوها مباشرة، لتنتج من ثمّ حلاً يوصل إلى النهاية.

وقد تكون العقدة في القصة القصيرة جداً ناتجة عن صراع سياسي أو اجتماعي أو فكري، يرسم القاص خيوطه، ويوجه حوافزه الصغرى نحو التأزّم، على نحو ما نجد في قصة «اللاعب» لفاطمة بن محمود التي تنجح في صياغة عقدة تفرزها حالة إنسانية بالغة الحساسية، لطفل مشلول، وهي عقدة أوجدها منظر رفاقه الذين يلعبون كرة القدم، وأزّمتها التفاصيل الصغيرة التي تعزّز ضرورة النهاية، فكان الحل أن يحلّق بخياله في الملعب، ويسجّل أروع الأهداف قبل أن يعود إلى واقعه: إلى كرسيه. تقول فاطمة:
«يجلس وحده في مكان مرتفع، يتحسس ببصره رجليه الممدودتين أمامه ثم يصوّب البصر هناك حيث رفاقه يتقاذفون الكرة بينهم بمرح، وبسرعة وجد نفسه بينهم يفتكّ الكرة من هذا، ويراوغ ذاك، يسجّل هدفاً بحركة بارعة من رجليه، يصفّق قلبه طرباً، ويعود إلى بيته راكضاً، ليُفتح له الباب ولا يصبر، فيقفز على سور المنزل، تعترضه أمه حانقة من تصرفاته الرعناء، يرشوها بقبلة سريعة، ويفتح باب المطبخ بركلة من قدمه.
لا يزال جالساً في مكانه... رفاقه في هرجهم وهو وحيد يتحسس ببصره رجليه الضامرتين، ثم يستعين كعادته بالعكازين، ويقفل عائداً إلى بيته(18)».

في قصة «نام.. أصبح وزيراً» يوظّف عز الدين الماعزي التفاصيل توظيفاً ناجحاً، ليرسم لنا حدود الصراع بين البطل، وبين نفسه، بين أحلامه وبين واقعه، إنه ببساطة نام، فقاده النوم إلى حلمه، إلى الصراع الحقيقي الذي صنع عقدة القصة، حيث أصبح وزيراً يحسب له الناس ألف حساب ويغازل السكرتيرات، وكان لا بد من حلّ سريع، يأتي بضربة واحدة: يستيقظ من النوم مرة أخرى، ويعود إلى البداية:
«نام، حلم، أصبح وزيراً بيده الحل والعقد، موكب السيارات، زغاريد، ورود، نخل مستنبت طول الطريق، في الساعة التاسعة صباحاً يشرب القهوة، التاسعة والنصف يضع ربطة العنق، العاشرة يمتطي سيارة الدوبل في العاشرة والربع يصل إلى...
يحملون له المحفظة، يفتحون له الأبواب، العاشرة والنصف ينقلون ابتسامته الموزعة على الشاشة، وهو يشعل الغليون، تحيط به السكرتيرات، يغازلهن، الحادية عشرة والربع يوقّع الأوراق، ويطوي الملفات، الثانية عشرة يخرج وهو غاضب، يسب الموظفين والعاملات.. ينزل، يصعد المصعد، يقف، ينتظر، ينزل يمشي، الثانية عشرة وخمسون دقيقة يسقط في درج العمارة..
يفيق، يجد نفسه تحت السرير في الغرفة، يحكّ ما تبقى من الكدمة التي انتفخت فوق عينه(19)».

أمّا فيما يتعلّق بالنهايات القصصية، فإنّ القصة القصيرة جداً تفترض نهاية حاسمة سريعة، من خلال عبارة نهائية تحقق التنوير، دون اختصار مُخلٍّ، ودون تطويل مملٍّ. وقد أشار الأستاذ جميل الحمداوي إلى مجموعة من الأنماط التركيبية التي تكوّن النهاية/ الخاتمة، فذكرَ الخاتمة الكلاسيكية والشاعرية والتراجيدية والسعيدة والمفتوحة والمغلقة والحوارية والحدثية وخاتمة التلقي والزمانية والمكانية والوصفية والمضمّنة والصامتة والصادمة والساخرة والخاتمة الخرجة والملغّزة(20). ومن الممكن أن تضاف أنواع أخرى من الخواتيم.

غير أنّ الأهم فيما يبدو لي هو ضرورة التأكيد على تنويع الخواتيم في المجموعات القصصية، حتى لا يشعر القارئ بالنمطية التي تولّد الملل. ويُذكر هنا أن كتّاب القصة القصيرة جداً تعاملوا مع أشكال مختلفة من النهايات، فاستثمروا النهاية المغلقة، والنهاية المفتوحة، وغيرها مما سبق ذكره، ونشير هنا إلى قصة «رقصتان» للمصطفى كليتي، وهي قصة ذات نهاية مغلقة، تحيل على رموز ذات دلالات وارفة:
«على فنن شجرة السرو، تعرّشت حمامتان كل واحدة منهما هدلت هدلتين، وصعدت من أحشائها زفرتين...
أزّ رصاص مارق أزّاً، فإذا بهما ترقصان رقصتين مخضوضبتين بالدماء(21)».

كما تمكن الإشارة إلى قصة «زعامة» لعبد الإله الخديري التي تقدّم نهاية مفتوحة على أكثر من احتمال، إذ أن الحدث النهائي لا يقدّم إجابة نهائية عن نتيجة معركة منتظرة بين القائد وتابعه:
«هزّ سيفه لأعلى وخطب فيهم بحماس وقوة: ألا تاتون إلا بنصر وغنيمة.
هجموا كالقطيع على الدير المجاور. اكتفى هو بالنظر منتشياً إلى أكتافهم المتزاحمة، ووقع حوافر دوابهم الجامحة. لم تخلف سوى رجلٍ واحدٍ(22) من أتباعه: شاهراً سيفه للمنازلة... تساءل السارد والكاتب حول من سيتنازل منهما للآخر عن الزعامة(23)».
وإذا كانت القصة السابقة تجعل القارئ أمام حدث غير محسوم، فإنّ قصة أخرى بعنوان «من أجل شبر أرض» لآمنة برواضي، لا تكتفي بالحسم، بل تجعله متجدداً، وقابلاً للتوليد، وكأن النهاية هي نهايات لا نهائية متكررة. تقول آمنة في القصة المشار إليها:
«قبل ثلاثة أيام رحل الأب عن هذه الدنيا.
في الأمس، اقتسم الإخوة الأرض.
في الصباح شوهد يعبر الأرض جيئة وذهاباً.
ويضرب يده بالأخرى.
يعاود الكرة مرة أخرى.
ثم أخرى....
تمتم.. لا بد أنهم أخذوا شبر أرض زيادة.
همّ بإزاحة الحجارة..
خرّ بدون حراك من سمّ أفعى ووجهه في التراب.

وهكذا بعدما رحل عن هذه الدنيا اجتمع الإخوة من جديد ليقتسموا فيما بينهم أرضه(24)».

غير أنّ ما يعدّ عيباً من عيوب إنشاء الخاتمة زيادة تعبير ما، أو قول مأثور ما، أو عبارة مسجوعة ما، بعد تقديم النهاية، فنحن أمام قصة قصيرة جداً، وليس ثمة متسّع لنوافل الأقوال. ولعلنا نشير هنا إلى القاص جمال الدين الخضيري الذي يبدو مولعاً باللغة، ولو على حساب الحكاية. وللتمثيل فإننا نستحضر قصة «القناع» التي يبدو سطراها الأخيران صياغة لمقولة مسجّعة، ويمكن حذفهما دون ان تتأثر بنية القص:
«هو: أودّ أن أشتري قناعاً يا حبيبتي.
هي: لمَ، أتنوي أن تمثّل في مسرح؟
هو: لا، لكن حتى يبدو وجهي محايداً أنا أغازلك، و...
هيَ: أتضع قناعاً على قناع؟!
صفقت في وجهه الباب، وهي تقول:
ـ في الوقت الذي كنت أنتظر أن تتجرّد من أصباغك، تتمترس في قلاعك(25)».

أشكـال الحكـايـة
فـي القصة القصيرة جداً:

إذا كان منظرو القصة القصيرة جداً قد اتفقوا جميعاً على ضرورة وجود الحكاية في هذا الفن، حتى لا تخرج من جنس القصّ عموماً، فإنهم اتفقوا أيضاً على أن شكل التعامل مع الحكاية هو خيار فني للمبدع، يميّزه من غيره، ويعطيه خصوصيته وفرادته. وقد نوّع القاصون في أشكال تقديم الحكاية تنوّعاً كبيراً غير أنّ أكثر الأشكال استثماراً هو الشكل الكلاسيكي (التصاعدي ـ السهمي)، والشكل الدائري، والشكل القائم على التوازي.

في الشكل الكلاسيكي، تتصاعد الوحدات الحدثية الصغرى، جملة بعد أخرى، لتصل إلى النهاية دون توقف، ويفترض في هذه الحالة أن يسير زمن السرد سيراً تعاقبياً، معتمداً على تحديد زمني مباشر أو غير مباشر، ومن ذلك قصة «انقراض» لعائشة خلف الكعبي التي نوردها في السياق التالي:
«في أول يوم مدرسي، رسم عمر في كرّاسة الرسم فراشة تحطُّ فوق زهرة.
بعد أسبوع، رسم الفراشة تقبع عالياً على غصن شجرة.
بعد شهر.. رسم الفراشة تحلّق بعيداً في السماء.
وفي نهاية العام.. اختفت الفراشة من لوحة عمر(26)».

ثمة إذاً في القصة السابقة مرتكزات زمنية معلنة، هي: أول يوم دراسي، بعد أسبوع، بعد شهر، في نهاية العام، وقد تتغيّر المرتكزات في قصة أخرى، قد تطول كثيراً، وقد تقصر كثيراً أيضاً، وربما تختفي وتبقى الصياغة اللغوية التي تدلّ على التعاقب، على نحو ما نجد في قصة «غرقى» لعبد الله المتقي التي تقدّم حدثاً تعاقبياً خيالياً رائقاً في حلة حكائية قشيبة:
«المعلم يطل من النافذة، والتلاميذ يكتبون على الدفتر ملخص «كان وأخواتها».
خلسة يخرج الطفل أقلامه الملونة، ويرسم بحراً وقارباً مكتظاً بالهاربين، ثم ريثما يستغفله المعلم، يلكمه على قفاه، وكاد القِسم يموت من الضحك.
غضب البحر
انقلب القارب.
و..
غرق المعلم
والأطفال(27)».

أما في الشكل الدائري، فإن ثمة شيئاً ما يدوّر الحكاية، الحدث أو اللغة أو الصورة أو أي شيء آخر ينتج حدثياً أو بنائياً شيئاً يشبه ما تسميه البلاغة الشعرية العربية (ردّ العجز على الصدر)، حيث تنطلق البداية مرة أخرى على شكل نهاية. ولعلّنا نشير ها هنا إلى قصة «برتقالة» لمصطفى لغتيري التي تنتهج بنية دائرية، تعتمد على بنية سردية سابقة، وتعيد إنتاج بدايتها في نهاية تصنع مفارقة لفظية وحدثية وفانتاستيكية في آن. يقول لغتيري في قصة برتقالة:
«صباحاً فتحت باب الثلاجة... مددت يدي داخلها... تناولت برتقالة.... متلذذاً شرعت أقشرها... فجأة أمام ذهولي، تحولت البرتقالة إلى سيارة أجرة صغيرة حمراء... شيئاً فشيئاً استحالت دهشتي إعجاباً بالسيارة...
بتؤدة فتحت بابها الخلفي... انبثق منها الكاتب متأبطاً أوراقه... مددت يدي نحوه... دون تردد سلمني إحداها... متلهفا قرأتها... إنها قصة سيارة أجرة، تحولت إلى برتقالة(28)».

وفي قصة «مداهمة» لجمعة الفاخري تدور الحكاية ذاتها، على نحو فلسفي، مكررة الحدث الأوّل، محدثة مفارقة تقوم على افتقار الصانع في لحظةٍ حاسمةٍ إلى ما ينتجه، في ساعة الحاجة الماسة إليه، وهي ثيمة مكررة في الثقافة العربية، فهي تحكي حكاية صانع التوابيت الذي لم يجد تابوتاً يستر موته:
«كل مرة كان صانع التوابيت يدّخر تابوتاً له.. فكلما داهمه الكسل تنازل عن تابوته للراحل الجديد..
وحينما داهمه الموت فجأة... كانوا يجدُّون في البحث عن تابوت له...!(29)»
وفي قصة «انتظار» لمحمد غازي التدمري يدوّر الكاتب حكايته، ويدوّر كل شيء معها، الحدث واللغة والبنية السردية، حتى لتغدو ثاني الجملتين الكبيرتين اللتين قدمتا القصة إعادة إنتاج للأولى، وتنجح القصة في تقديم دلالتها من خلال هذا الشكل، فتحكي معاناة الشعب العراقي، دون شعارات كبيرة، أو بهرجات لغوية مألوفة:
«في شارع الرشيد ثمة طفل كان ينتظرُ رفيقَ الأمس الذي كان يلعب معه.

من أمامه مرّت جنازة قيل : إنها لطفل كان بالأمس يلعب في شارع الرشيد(30)».

وعلى الرغم من وضوح البنية الدائرية للحكاية في القصة السابقة، فإنها تحيل أيضاً على شكل آخر من أشكال تقديم الحكاية، وهو التوازي القائم على وضع جملتين، أو أكثر، بشكل متقابل، لإنتاج دلالة القصة، وهذا معروف أيضاً في البلاغة الشعرية العربية بالتوازن اللفظي، أي أن التدمري دمج بين شكلين من أشكال تقديم الحكاية.

ويمكن لنا هنا أن نشير إلى قصة تمثّل اعتماد شكل التوازي لإنتاج الحكاية، من خلال قصة «حبّ» لخالد مزياني؛ إذ يتم استثمار التركيب اللغوي بكفاءة، ليقدّم من خلال العبارات المتوازية بناءً تقاطبياً محكماً:
«الزملاء.. الأصدقاء والأهل يباركون الحب بين العاشقين:
أرداه عزفاً منفرداً ووردة حمراء.
أرادته فيلا. سيارة فخمة وليالي حمراء.
جمعهما الحبّ..
فرقتهما الأحلام(31)».

ولا بد لنا من التأكيد أخيراً، وباختصار، على أن القصة القصيرة جداً استثمرت الأساطير والخرافات والأحلام والكوابيس والرسائل والمذكرات والمشهد الحواري، وغير ذلك في تقديم حكايتها، وقدّم بعض المبدعين متتاليات حكائية تتكوّن من مجموعة من القصص القصيرة جداً، وهذا ما يمكن أن يكون مثار دراسة قادمة.

 

وهي مجموعة من الحوادث مرتبطة زمنيّاً، ومعيار الحبكة الممتازة هو وحدتها، ولفهم الحبكة يمكن للقارئ أن يسأل نفسه الأسئلة التّالية : -

- ما الصراع الذي تدور حوله الحبكة ؟ أهو داخلي أم خارجي؟

- ما أهم الحوادث التي تشكّل الحبكة ؟ وهل الحوادث مرتّبة على نسق تاريخي أم نفسي؟

- ما التغيّرات الحاصلة بين بداية الحبكة ونهايتها؟ وهل هي مقنعة أم مفتعلة؟

- هل الحبكة متماسكة.

- هل يمكن شرح الحبكة بالاعتماد على عناصرها من عرض وحدث صاعد وأزمة، وحدث نازل وخاتمة .

الرواية تعريف عناصر أركان مقومات جوانب الاستمتاع .

عناصر بناء الرواية[

الشخصيات[]

الشخصية في الرواية هي التي تجذب القارئ أو المستمع لها، فتحقق الاختيار الصحيح لها هام للغاية. وللوصول إلى الاختيار الصحيح لا بد وأن تكون الشخصيات ذات أبعاد ثلاثية مثل باقي شخصيات الحياة: أشخاص لها مخاوف وآمال، أشخاص لها نقاط ضعف ونقاط قوة، أشخاص لها هدف أو أكثر في الحياة.
  • البطل: وهي الشخصية المحورية في العمل الأدبي، وشخصيته دائماً ما تكون مرنة قادرة على التغير.. وتغلب عليه السمات العشر التالية والتي تُبنى عليها الرواية حتى نهايتها:
  1. تعثره في الأحداث لوجود تحدي أمامه يعترضه.
  2. رفضه لهذا التحدي.
  3. إجبار نفسه على قبول هذا التحدي.
  4. السفر في طريق المحاولات.
  5. جمع القوى والحلفاء له.
  6. مواجهة الشرور التي تحاول هزيمته.
  7. فترات من ظلمة النفس واليأس، يأتي بعدها..
  8. قوة إيمانية تمكنه من..
  9. مواجهة الشر مرة أخرى، ثم فجأة..
  10. ينتقل الطالب من مرحلة تعلمه إلى مدرس يلقن غيره الدروس.
  • الخصم: وهو القوى التي يناضل معها البطل والذي يقدم عنصر الشر في الوقت ذاته، وقد يكون الشر مقدما في صورة بسيطة أو صورة معقدة بأحداث وشخصيات متعددة. ولا يتمثل الخصم في شخص فقط يحاول هزيمة البطل والانتصار عليه.. فمن الممكن أن يكون صراع البطل نفسيا مع سلوك وقرارات خاطئة تراوده ويحاول التغلب عليها.
وقد تخضع كلٌ من شخصيات الخير والشر لتغير أفضل في السلوك، وهذا نوع آخر من حل الصراع "التغير في الشخصية" وليس فقط انتصار البطل على الخصم.
  • الشخصيات المساعدة (الثانوية): إذا كانت الرواية تركز على بطل أو بطلين (قوى الخير والشر)، فهناك شخصيات أخرى متعددة تكمل بناء الرواية وتسمى بالشخصيات المساعدة أو الثانوية. فقد يكون ليس لهم دور رئيسي لكنه أساسي وبدونه لن تَكتمل الأحداث.

الحبكة[

هو سير أحداث القصة ناحية الحل. ويوجد نمطان لأحداث الحبكة:
  • الحبكة النمطية: وفيها تسير الأحداث بالشكل المتعارف عليها من البداية الطبيعية للأحداث ثم التسلسل الطبيعي في حدوث الأزمة ثم تصاعدها ومحاولة حلها.
  • الحبكة المركبة: التي تبدأ الأحداث فيها بالنهاية، ثم يتم استعراض الأحداث التي أدت إليها.. أي يبدأ الكاتب بالعقدة ثم يحاول حلها.

الموضوع]

الموضوع هو الوعظ أو القيمة التي يتم تقديمها في الرواية ويدور حولها مضمون الرواية بأكمله.
كما يمكن وصف الموضوع بأنه رسالة أو الدرس الذي يحاول الكاتب أن يلقنه للقارئ. ويُكشف الستار عن هذه القيم من خلال العقبات التي تواجهها شخصيات الرواية محاولين تخطي هذه العقبات من أجل إحراز الهدف، ويعتبر الموضوع هو أساس القصة والغرض منها وبدون الهدف ستصبح القصة تافهة.

الزمان والمكان[]

  • زمن الرواية
يوجد زمنان للرواية، الأول هو الزمن العام الذي تدور فيه أحداث الرواية كحقبة زمنية محددة مثل قرن أو سنة من السنين، والثاني هو الزمن الخاص أو يُطلق عليه زمن الرواية هو الذي يقدم فترة زمنية محددة تدور فيه الرواية كيوم محدد من أيام الشهر وما إلى ذلك.
  • مكان الرواية
لابد وأن يكون وصف الكاتب للمكان وصفاً حياً لكي يتعايش القارئ مع أحداث الرواية وكأنها حقيقة، وهذا يتطلب من الكاتب زيارة أماكن الأحداث حتى يتمكن من وصفها بدقة.

عناصر أخرى[]

  • العقدة
ويُطلق على العقدة "الحبكة الأولى"، وهي بدء الصراع الذي يخلق الحركة وتقدم أحداث القصة، وهو المشهد أو الحدث الذي يغير من حياة البطل/البطلة وترسله في رحلة لكي يحل هذه العقدة أو الصراع. وبدون وجود العقدة وحدوث التغير في شخصية البطل وظهور عنصر التشويق والإثارة فستظل القصة "ساكنة بلا حراك".
  • الأحداث المتصاعدة
وهي محاولة حل البطل للعقدة بعد اكتشافها، لكنه يُقابل بقوى الشر التي تحاول منعه من حل هذه العقدة.. وهنا تصبح الأحداث متصاعدة. وقوى الرغبة في التغلب على هذه الشرور تلازم البطل طوال أحداث القصة وهذه الرغبة لا تجعله يستسلم. وهذه الأحداث المتصاعدة هي قوى الصراع بين البطل وخصومه، ويبدأ البطل في رحلته بالبحث عن مفتاح الحل، وقد تتلاشى هذه الرغبة في بادئ الأمر إذا تعرض للهزيمة لكن سرعان ما تعاوده بقوة مرة أخرى لكي يحل العقدة ونصل إلى نهاية الرواية.
  • الذروة (نقطة الظهور)
فإذا كانت العقدة هي "الحبكة الأولى"، فذروة الأحداث هي "الحبكة الثانية"، وهي اللحظة التي يكتشف فيها البطل طبيعة العقدة المقدمة في الرواية (الصراع) وعلاقتها بحياته ويُطلق عليها "لحظة الكينونة" وهذا ما قالته الكاتبة "فيرجينيا وولف". وفيها تتضح جميع العلاقات في الرواية بين الخير والشر وقد لا يعرف البطل كيفية حل هذه العقدة لكن كل شيء وكل معلومة تتضح أمامه في هذه المرحلة من الرواية.
  • الحوار
الحوار هو المحادثة أو تبادل الكلام بين شخصين أو أكثر من شخصيات الرواية، ووظيفة الحوار الأساسية هي إعطاء فكرة عن أحداث الرواية وعن زمانها ومكانها. ونجاح الحوار يتحقق بالاستخدام الصحيح للكلمات واللهجات وبالنبرات الصوتية الملائمة. كما أن من مقومات الحوار الناجح ابتعاد الكاتب عن استخدام اللغة الرسمية التي يصعب على القارئ فهمها إلا بعد قراءتها عديداً. مع تجنب الخطأ القاتل بتكرار ثم قال: "---"، وصرخ: "---"، ثم رد قائلاً: "---"... إلخ، والكاتب الماهر يكتفي بأن يكتب الجملة الحوارية بطريقة واضحة يستطيع القارئ فهم من الذي يقوم بتوجيه الحديث ولمن؟ وإذا كانت هناك ضرورة لاستخدام مثل هذه الكلمات فيتم اللجوء إليها بدون قطع تسلسل الرواية أمام عين القارئ.
  • حل العقدة
تقل حدة التشويق والإثارة عند هذه النقطة في القصة، حيث تعود الأحداث من جديد في الرجوع إلى إيقاعها الطبيعي الذي بدأت به. وهنا يتم التوصل إلى الحقيقة والتي بمقتضاها يحل البطل الصراع. وفي هذه المرحلة لم يعد البطل هو الوحيد الذي يعلم بالمشكلة ولكن أصبحت الحقائق مرئية أمام جميع شخصيات العمل، ويقول نجم السينما العالمي "بروس ويلز": "ذروة المشكلة يمكن تشبيهها بالدم الموجود داخل الجسد، أما عند حلها يصبح الدم خارجه".

المقومات الفنية للرواية[]

الطول ليس العنصر الوحيد الذي يميز الرواية عن باقي الأجناس الأدبية النثرية الأخرى، وإنما توجد مقومات فنية أخرى تجعلها ممتعة لقرائها. ومن هذه المقومات الفنية العناصر التالية:
  • موضوع الرواية
يدور العمل الأدبي فيها حول حادثة رئيسية واحدة، تتفرع منها أحداث ثانوية أخرى متعددة، وعلى الرغم من تركيز الأحداث على بطل أو اثنين إلا أنه هناك شخصيات ثانوية أيضاً تظهر في هذه الرواية تقوم بتجسيد هذه الأحداث أو المواضيع الثانوية.
  • التفصيل في الرواية
من خصائص الرواية أن كاتبها يميل إلى الإسهاب في سرد الأحداث بما فيها الزمان والمكان ولا يترك شيئاً إلا أن يقدم له وصفاً مفصلاً.. حيث أن الرواية تستمد طولها من هذا الوصف التفصيلي. ويضم الموضوع العديد من الأمور التي تعكس دقائق الأمور في بيئة أو مجتمع، فنظرة الكاتب هنا في الرواية هي نظرة شمولية لا تقتصر على خبراته الشخصية وإنما تشتمل على أحداث وطبائع وعادات وأزمنة قد لا يكون مر بها.
  • فنية الرواية
هناك بعض النقاد يشيرون إلى أن الرواية تفتقد إلى عنصر الفنية لتشعب أحداثها والوقوف على تفاصيل يتم الإسهاب فيها. أي أن حرية الكاتب سواء للإيجاز أو الإسهاب (بالطبع دون أن تتأثر المقومات الأساسية في كتابة الرواية) يعنى عدم التقيد، وعدم التقيد يعطي سهولة في الكتابة ولا يكون هناك احتياج للدقة.
  • طبيعة الرواية
تقدم الرواية سرداً لأحداث وأزمنة وأماكن كثيرة، وهذا يتطلب أن يكون كاتبها مؤرخ للتاريخ، أو أن يكون باحثاً اجتماعياً ملماً بكافة التفاصيل حتى تتوافر المصداقية في روايته لأنه يتناول الحدث وكأنها تحدث في الحقيقة.. الأمر الذي يتطلب الدراسة المتعمقة لكافة الأنماط المحيطة به في البيئة لكي تبدو طبيعية لتتوافر واقعية الأحداث. فالإنسان ينجذب إلى كل ما هو واقعي أو اجتماعي يحدث من حوله.
  • ذاتية الرواية
راوى أو سارد أو كاتب الأحداث بوسعه أن يعرض وجهة نظره الذاتية من خلال موضوع الرواية- لكن بطريقة غير مباشرة، في حين أن الأنواع القصصية الأخرى تكون موضوعية تقل التفاصيل فيها وتلتزم بقالب فني معين.

أنواع الرواية[]

الرواية العاطفية (الرومانسية)[]

وهي الرواية التي تغلب عليها قصص الحب والمثالية، ولا تلفت إلى مشكلات المجتمع أو الحكم أو المشكلات السياسية الأخرى. وتقوم عقدة الرواية على المغامرة العاطفية، وتتابع الأحداث فيها يعبر عن القلق الوجداني الذي يحيط بأبطال الرواية لكي يتم الوصول إلى تبادل العلاقة المثالية من الحب والغرام. أي أن الرواية الرومانسية تنصب على العلاقات الاجتماعية السائدة بين الرجل والمرأة، ولكنها لا تكون فقط في صورة علاقة الحب الرومانسي بل تمتد إلى مختلف أشكال العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة مثل: موت والد البطلة واحتياجها الحنان والحب الذي تفتقده بموت الأب، أو فرض السيطرة من جانب الرجل مثلاً في علاقة زواج والتي تعكس "النقص العاطفي/الحرمان العاطفي" الذي يتم البحث عنه للوصول إلى حد الإشباع والاطمئنان. ويشير بعض النقاد إلى أن الهدف من الرواية العاطفية هو مجرد تقديم التسلية وتصوير للعلاقات الاجتماعية التي تبحث عن الحب وتشعر بالحرمان العاطفي. لكن هذا الرأي لا يوجد فيه شيء من الصحة، فالرواية الرومانسية على العكس تماماً حيث تقدم قضايا هامة في المجتمع، فالمحيط الحسي هام لكل فرد في المجتمع لكي يخلق شخصية سوية تُصلح المجتمع، كما أن مناقشة العلاقات الاجتماعية المختلفة بين الرجل والمرأة تؤثر تأثيرا لا حد له في أي مجتمع من المجتمعات من خلال مناقشة الظلم أو الفشل... إلخ ولا بد أن تكون اللغة المستخدمة في هذا النوع من الروايات تراكيب قوية تنشط العاطفة.
وكمثال على هذه الروايات يعتبر موقع منتديات غرام أحد أهم المراجع . كونه يحتوى على مواهب شابه تخصصت في كتابة هذا النوع من الروايات .

الرواية البوليسية[]

أو يُطلق عليها رواية الجريمة، قوامها التشويق والإثارة حيث تُقدم الرواية في صورة ألغاز الجريمة التي يسعى القارئ حلها طوال قراءته للرواية أو مشاهدته لها بالبحث عن المجرم من خلال تتبع أحداث الجريمة.
تختلف الرواية البوليسية عن رواية المخبر السري:
  • أوجه الاشتراك: الموضوع في كل من الرواية البوليسية ورواية المخبر السري واحد وهو وجود الجريمة.
  • أوجه الاختلاف: الرواية البوليسية تقص حكاية جريمة بتسلسل منطقي زمني، أما رواية المخبر السري تقص حكاية الكشف عن جريمة أي البدء من النهاية باستعراض حدوث جريمة قتل.
ويندرج تحت هذه النوع من الروايات البوليسية روايات التجسس والروايات البوليسية النفسية.

الرواية التاريخية[]

هو ذلك النمط السردي الذي يستمد أحداثه من التاريخ بل وشخصياته أيضاً، ورواية التاريخ (الرواية التاريخية) هي رواية الماضي لأنها دائماً ما تقص أحداث وشخصيات عظيمة وأبطال شهدتها العصور السابقة. فالرواية التاريخية هي توثيق الصلة بالماضي، والتاريخ له أدب مستقل بذاته والشخص الذي يقوم بسرد التاريخ معروف بالمؤرخ. وبالاستناد إلى التاريخ يمكن لمؤلفي الأجناس الأدبية المختلفة اقتباس شخصيات لها علامات بارزة وأحداث هامة تكون مادة لعملهم الأدبي ألا وهو الموضوع الذي تدور حوله الرواية. وهناك نوع آخر من الرواية التاريخية والذي يعرف باسم الرواية التاريخية الشعبية مثل: ألف ليلة وليلة. والنمط الآخر متمثل في الرواية التاريخية التعليمية، فالتاريخ ليس فقط عرضا لتراث السلف وإنما تربية النشء بتعليمه المبادئ ذات القيم الحميدة التي كان يقتنيها الأجداد.

الرواية السياسية[]

هي رواية النضال الإيجابية العادلة ومكافحة السلبية، أو هي رواية المبادئ المعارضة للفكر السائد ضد الحكم والحكومة. فالرواية السياسية تناقش القضايا السياسية الموجودة على الساحة، ويكون ذلك إما بشكل مباشر أو غير مباشر لموضوعات عن طريق استخدام الرمزية. ودائماً ما يكون هناك صراع مع أنظمة الحكم والمعاداة لهم حيث يحاول البطل بكل ما لديه من طاقات يسخرها لكي يتغلب على هذا الصراع.. وغالباً ما يفشل في مكافحة هذه السلبية الظالمة.

الرواية الوطنية[]


هي روايات التضحية من أجل الوطن والبحث عن الحرية من براثن الاستعمار الذي يمثل الظلم. ويمثل الأحداث في الرواية الحربية بطل واحد بعينه الذي يقدم نضال شعب بأكمله من خلاله.

الرواية الواقعية[]

هي سرد لقصص لأشخاص واقعيين وأحداث حقيقية من خلال الأساليب الدرامية للرواية. وغالباً ما تهدف إلى تغيير هذا الواقع الذي يقدمه مضمون الرواية لخدمة المجتمع وإصلاحه بتدعيم القيم الإيجابية والطاقات، وذلك بتقديم نماذج إنسانية متعرضة للأزمات. توجد أنواع عديدة للرواية الواقعية: واقعية نقدية، واقعية تحليلية، واقعية جديدة، واقعية رمزية، واقعية فلسفية.

أنواع أخرى من الرواية]

  • رواية المتشردين
والتي يكون فيها البطل شخصا يعاني اجتماعياً ويقابل العديد من الصعوبات والمغامرات التي من خلالها يرى العالم من حوله ثم يعقب بسخرية، ويحاول التغلب على هذه الصعوبات لكي يحيا.
رواية فرانكنشتاين للروائية ماري شيلي مثال على الرواية القوطية
هي الرواية الرومانسية الأوروبية والتي يغلب عليها طابع الغموض والرعب، ومثل هذه الروايات يكون مكانها القلاع أو أماكن مخيفة تكون فيها ممرات ضيقة ومظلمة. وتكون الحبكة فيها مشتملة على وجود الأشباح والخرافات وعنصر الانتقام أيضاً.
  • الرواية التعليمية
ظهرت في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، حيث وضعت من أجل مناهج التدريس للصغار وتكون الحبكة فيها على نطاق ضيق ليس فيه إسهاب.
  • الرواية الرخيصة
رواية مثيرة عديمة القيمة الأدبية، وغالباً ما تكون ورقية الغلاف وهي من ميلودراما المغامرات.
  • الرواية الوجدانية
الرواية الوجدانية مصطلح يستوعب أو يستغل كل أنواع الرواية التي تثير وجدان القارئ وتعاطفه من خلال تقديم الموضوع بطريقة غير واقعية.
  • الرواية النفسية
وهنا يقدم البطل أفكارا ومشاعر ودوافع وأحاسيس الشخصيات، وكل هذه العوامل مصدر اهتمام للقارئ بدرجة مساوية أو أن تتفوق على الأفعال والأحداث الخارجية للرواية. بل وهذه الأحاسيس الداخلية هي التي تؤثر وتحرك الأحداث الخارجية.
  • رواية السلوك
وهي تعيد خلق العالم الاجتماعى من حولنا من خلال نقل مشاهدات دقيقة ومفصلة عن العادات والقيم والأخلاقيات للمجتمع، وهذا ما يسيطر على القصة.
  • الرواية الرسائلية
وهي من أوائل أنواع الرواية وتطورت كثيراً وأصبحت لها شعبية حتى القرن التاسع عشر، وهي تقدم في شكل سلسلة من الرسائل التي تكتب بواسطة شخص أو أكثر مثل رواية ماجدولين.
  • رواية التمهن
وتُعرف برواية السير الذاتية والتي تركز على حياة فرد في فترة صغيرة وسلوكه الاجتماعي والأخلاقي حتى بلوغه وكبره.
  • رواية الطبقات الاجتماعية العليا.
ظهرت في أوائل القرن التاسع عشر، وتقع تحت كوميديا السلوك. وهي ترسم صورة للطبقات الاجتماعية العليا في أوروبا وغالباً من قبل فرد أو أفراد ينتمون إلى هذه الطبقة.
هي الرواية التي يكون بها أشباح وكائنات خارقة للعادة.
  • الرواية الشعرية.
  • الرواية الجنسية.
  • الرواية الخيالية.
  • الرواية الإسلامية.

لماذا نستمتع بالرواية[]

تجتمع في الرواية مجموعة من العوامل تدفع القارئ للاستمتاع بها مثل:
  • متعة السرد: يحقق المتعة من الرواية منذ قديم الأزل لأي شخص ينصت لها أو يقرأها.. حيث تتعدد أنماط الروايات فهناك رواية الحكايات.. وهناك رواية الأخبار.. أو قراءة الرواية نفسها والمتمثلة في العمل الأدبي النثري.
  • متعة التخيل: المتعة مرتبطة بكلمة الرواية والتي تأتى للإنسان من خلال "التخيل": متعة التخيل للأحداث، متعة التخيل للشخصيات، متعة التخيل للوصول إلى المجهول.
  • متعة اللغة: استخدام الكاتب لأدواته الفنية من اللغة والمتمثلة في العناصر اللغوية المتعددة من التصوير والاستعارات والكنايات والبلاغة وغيرها من الأدوات اللغوية الأخرى.
  • متعة الإيهام بالحقيقة: فالكتابة الناجحة من مقوماتها توافر عنصر الصدق وكأن الرواية واقعية تشبه مجريات الحياة التي يعيشها الإنسان أو التي يجد غيره من حوله يعيشها بالمثل.
  • المتعة الشعورية: والمتمثلة في التشويق والإثارة.. التشويق والإثارة في الرواية يشبها الأيام العصيبة والأيام الجميلة في حياة الإنسان، وبدون هذا التباين والتناقض فلن يستطيع معرفة كل نوع من المواقف التي يتعرض لها سواء التي تجلب له السعادة أو التي تحمله على التعاسة والإحباط.
  • الحياة ليست كلها حلوة: ومن هنا تستمد متعتها وكذلك الرواية التي تعكس واقع الإنسان فهي تستمد متعتها من الإثارة والتشويق التي تقدمها للمتفرج.