الأربعاء، 3 يونيو 2020

تحليل المقامة البشريَّة لبديع الزمان الهمذاني

لُغَتُكَ الْعَرَبِيَّةُ فَخْرٌ لَكَ؛ لأَنَّهَا لُغَةُ الْجَنَّةِ، وَالْقُرْآنِ، وَمُحَمَّدٍ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

الكـــــاتــــب 
* ( أبو الفضل أحمد بن الحسين ) ولد فى (همذان) وهوأول من برع في فن المقامة واشتهر بالذكاء وتأليف المقامات.أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد المعروف ببديع الزمان الهمذاني ، (358 هـ/969 م - 395 هـ/1007 م)، كاتب وأديب من أسرة عربية ذات مكانة علمية مرموقة استوطنت همدان وبها ولد بديع الزمان فنسب إليها، يعتبر كتاب المقامات أشهر مؤلفات بديع الزمان الهمذاني الذي له الفضل في وضع أسس هذا الفن وفتح بابه واسعاً ليلجه أدباء كثيرون أتوا بعده.
المقامة أصلها
 فن المقامة ظهرت فى العصر العباسى الثانى على يد(ابن دريد)الذى كان يبغى منها تعليم الناس أصول اللغة وغريبها،

ثم (الهمذانى)مبدع القصة الفنية القديمة والحديثة بكل عناصرها ومكوناتها، وموظف البلاغيات (بيان ومعاني وبديع) وواصف الحياة الاجتماعية ومقوي الفكر والحيل والألغاز،وموظف لغة الحياة في عصره.
 ثم(الحريرى)وتصور الحياة الاجتماعية فى القرن الرابع الهجرى.
معناها :
·اللغـــــــــوى: هى الجماعة أو المجلس والعظة أى قام رجل فى مجلس فوعظ 
· الاصطــلاحى : هى حكاية خيالية تشتمل على حادثة فى موقف لشخص طلب الاستجداء والكدية والنصب والحيلة وإعمال العقل لإظهار الموهبة العقلية واللغوية والتخيلية والقصصية المحبوكة وذلك يجلب الرزق المادي والفكري وتنتهى بالموعظة والفكاهة.
س : ما عناصر المقامة ؟ ولماذا تعد المقامة نواة للقصة ؟
تعد المقامة نواة القصة ولكنها ينقصها العقدة والحل ولكن هذا إدعاء فهي مكتملة والعقد فيها ضمنية تهدف لاستخراج قيمة يبحث عنها ويعقدها ليصل لحلها في النهاية وعناصرها هى :
(البيئة الزمانية - البيئة المكانية - الأشخاص - الحكاية «الموضوع والأحداث » العقدة الخفية والوسط والزروة ثم حل الحبكة في النهاية)
س : ما اسم بطل مقامات الهمذانى ؟ وما اسم الراوية ؟
µالبطل هو ( أبو الفتح السكندرى ) نسبه إلى الإسكندرية الى تقع على نهر (جيحون) شرقى ( فارس) والراوية هو ( عيسى بن هشام).
س : لماذا سميت المقامة البشرية بهذا الاسم ؟
نسبة إلى (  بِشْرُ بْنُ عَوَانَةُ العَبْدِيُّ ) بشر بن عوانة العبدي وهو أحد الشعراء الصعاليك الذين كانوا يعيشون في العصر الجاهلي ويعرفون بالشجاعة والفروسية والكرم،ولأنهم كانوا فقراء اتخذوا السطو وقطع الطريق وسيلة للعيش وكسب المال، وكانوا يوزعون ما يتوافر لديهم من المال على الفقراء، ويقال أيضاً أنه شخصية اخترعها بديع الزمان الهمذاني، ووضع له قصة خلاصتها أنه ظهر له أسد، وهو ذاهب يبتغي مهراً لابنة عم له، فثبت للأسد، وقتله، وخاطب أختاً له سماها بديع فاطمة بقصيدة تسمى بالمقامة البشرية،س : ما عناصر المقامة البشرية ؟
1- الزمـــــان : ( الصبح عقب الغارة ).

2- المكــــان : بِبَطْنِ خَـبْـتٍ بين مكة والمدينة وفي طريق خزاعة بالصحراء).
3- الأشخاص : ( بشر بن عوانة–زوجته القديمة من الغارة – عمه – ابنة عمه الجميلة- (داذ)الأسد-المهر الحصان-(شجاع)الحية-ابنه الغلام ) .
4- الحكايــة الحبكة(بداية الغارة والزواج والوسط العقدة والزروة في تحصيل المهر والنهاية بترك الزواج من ابنة عمه طوعا وكرها) :والقصة هي:  رغبة بشر في الزواج من ابنة عمه والإتيان بالمهر من خزاعة 100 ناقة ومواجهة العقد والصعاب في تحصيل ذلك المهر وذلك بمواجهة الأسد والحية في طريقه لخزاعة .
5-النهاية: غير المتوقعة التي تدل على الخيال الجامح للمبدع بديع الزمان
بين النص والتحليل


حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: كَانَ بِشْرُ بْنُ عَوَانَةُ العَبْدِيُّ صُعْلُوكاً. فَأَغَارَ عَلَى رَكْبٍ فِيهِمُ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ، فَتَزَوَّجَ بِهَا، وَقالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَومِ، فَقالَتْ:


أَعْجَبَ بِشْراً حَوَرٌ في عَيْنِي *** وَسَاعِدٌ أَبْيَضُ كالُّـلـجَـيْنِ
وَدُونَهُ مَسْرحَ طَرْفِ العَـيْنِ *** خَمْصَانَةٌ تَرْفُلُ فَي حِجْلَـينِ
أَحْسَنُ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْليَنِ *** لَوْ ضَمَّ بِشْرٌ بَيْنَهَا وَبَـيْنـي
أَدَامَ هَجْرِي وَأَطَالَ بَـيْنِـي *** وَلَوْ يَقِيسُ زَيْنَهَـا بِـزَيْنِـي
لأَسْفَرَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ
التحليل
صعلوك: فقير هجام شجاع  يأخذ من الأغنياء ويعطي الفقراء
أغار : هجم وقطع الطريق
ركب: قافلة
ما رأيت كاليوم: تعبير يدل على شدة الإعجاب بهذه المرأة وجمالها
تحليل أبيات زوجة بشر/
تتحدث عن جمالها ومواطن إعجاب بشر بها ، وتصف ابنة عمه له وتقارن بينها وبين ابنة عمه في الجمال وتنصف ابنة عمه على نفسها لتصرفه إليها ليتزوجها ولا يتركها لوضيع لا يستحقها
1-حور: حول وجمال وتكحيل العين واتساعها مثل البقر الوحشي/ساعد:ذراعها أبيض كالفضة(تشبيه مجمل)
2- وغفل وترك امرأة أخرى تسرح العين في جمال خصرها النحيل وتتبختر في مشيته وتحجل من فرض النعمة والذهب
3-أجمل نساء الكون مشت على رجلين ولو قارن بشر بيني وبينها وجمع بيننا لفضلها
4- ولو رأها لداوم على هجري والبعد عني(ترادف/ وحسن تقسيم)ولو قاس زينتها ومحاسنها بي لوضح له الأمر مثل الصبح الجلي أنها الأجمل.

 قَالَ بِشْرٌ: وَيْحَكِ مَنْ عَنَيْتِ؟ فَقَالَتْ: بِنْتَ عَمِّكَ فَاطِمَةَ، فَقالَ: أَهِيَ مِنَ الحُسْنِ بِحَيْثُ وَصَفْتِ؟ قالَتْ: وَأَزْيَدُ وَأَكْثَرُ، فَأَنْشَأ يَقُولُ:
وَيْحَكِ يَا ذَاتَ الثَّـنَـايَا الـبِـيضِ *** مَا خِلْتُنِي مِنْكِ بِمُـسْـتَـعـيضِ
فَالآنَ إِذْ لَوَّحْتِ بِـالـتَّـعْـرِيضِ *** خَلَوْتِ جَوّاً فَاصْفِري وَبِـيِضـي
لاَ ضُمَّ جَفْنَايَ عَلى تَـغْـمِـيضِ *** مَا لَمْ أُشُلْ عِرْضِي مِنَ الحَضِيضِ
التحليل
1-ويحك: تقبيحا وحلف وعهد/ الثنايا:الأسنان البيضاء/خلتني: ظننتني/مستعيض:ليس لديك بديلا عني ولن أتحول عنك
2-لوحت :أشرت/التعريض: التلميح والإشارة/خلوت جوا:خليت من القرين وصرفتي فكري وصنعتي لي جوا ومحبوبة أفكر فيها/اصفري وبيضي:(استعارة تمثيلية)اطمأني فأنت في حمايا فأين تذهبين مثل قاله طرفة في الحاجة يتمكن منها صاحبها.
3-لا ضم: لن أغلق عيني(كناية عن دوام الفكر في ابنة عمه)/ أشل:أشيل وأحمل وأرفع/ عرضي : شرفي ابنة عمي/من الحضيض: من أن ينالها غيري من الوضعاء.(كناية عن عدم تركها لغيره)
فَقَالَتْ:
كَمْ خَاطِبٍ فِي أَمْرِهَا أَلحَّا *** وَهْيَ إِلْيكَ ابْنَةُ عَمٍّ لَحَّـا
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عَمِّهِ يَخْطُبُ ابْنَتَهُ، وَمَنَعَهُ العَمُّ أُمْنِيَّتَهُ، فَآلى أَلاَّ يُرْعِىَ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ إِنْ لَمْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ، ثُمَّ كَثُرَتْ مَضَرَّاتُهُ فِيهِمْ، وَاتَّصَلَتْ مَعَرَّاتُهُ إِلَيْهِمْ؛ فَاجْتَمَعَ رِجَالُ الحَيِّ إِلَى عَمِّهِ، وَقَالُوا:كُفَّ عَنَّا مَجْنُونَكَ، فَقَالَ: لاَ تُلْبِسُوني عَاراً، وَأَمْهِلُونِي حَتَّى أُهْلِكَهُ بِبَعْضِ الحِيَلِ، فَقَالُوا: أَنْتَ وَذَاكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ عَمُّهُ: إِنِّي آلَيْتُ أَنْ لاَ أُزَوِّجَ ابْنَتِي هَذِهِ إِلاَّ مِمَّنْ يَسُوقُ إِلَيْهَا أَلْفَ نَاقَةٍ مَهْراً، وَلا أَرْضَاهَا إِلاَّ مِنْ نُوقِ خُزَاعَةَ، وَغَرَضُ العَمِّ كَانَ أَنْ يَسْلُكَ بِشْرٌ الطَّرِيقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خُزَاعَةَ فَيَفْتَرِسَهُ الأَسَدُ؛ لأَنَّ العَرَبَ قَدْ كَانَتْ تَحَامَتْ عَنْ ذَلكَ الطَّريقِ، وَكَانَ فِيهِ أَسَدٌ يُسَمَّى دَاذاً، وَحَيَّةٌ تُدْعَى شُجَاعاً، يَقُولُ فِيِهِمَا قَائِلهُمْ:
أَفْتَكُ مِنْ دَاذٍ وَمِنْ شُجَاعٍ *** إِنْ يِكُ دَاذٌ سَيِّدَ السِّبَـاعِ
التحليل
ألح الخطاب عليها وأنت بها أولى لحوقا ونسبا ولاحقة باسمك واسم العائلة
ابنته/ أمنيته: سجع/آلى: حلف/يرعي: يهتم/معراته:المساءة والضرر والأذى والشر/كف:إنشائي أمر/ مجنونك:بشر/تلبسوني عارا/أهلكه بالحيل:استعارة مكنية/يسوق: يأتي سائقا بأحسن السيارات النوق من خزاعة/إلا: قصر وحصر وتأكيد/ أفتك من:استعارة تمثيلية/داذ:اسم الأسد/وشجاع : اسم الحية

فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ الأَفَاعي ثُمَّ إِنَّ بِشْراً سَلَكَ ذَلِكَ الطَّرِيقَ، فَمَا نَصَفَهُ حَتَّى لَقِيَ الأَسَدَ، وَقَمَصَ مُهْرُهُ، فَنَزَلَ وَعَقَرَهُ، ثُمَّ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ إِلَى الأَسَدِ، وَاعْتَرَضَهُ، وَقَطَّهُ، ثُمَّ كَتَبَ بِدَمِ الأَسَدِ عَلى قَميصِهِ إِلَى ابْنَةِ عَمِّهِ:
التحليل:
نصف: منتصف الطريق لخزاعة/ قمص مهره: رفع الفرس رجليه معا لأعلىخوفا من الأسد/عقره:ذبحه لأنه جبان/اخترط:وجه/اعترضه:وقف في وجهه/قطه:شقه نصفين/ابنة عمه: فاطمة ويدللها بفاطم وليست أخته.
وصف حي لمعركته مع الأسد
أَفَاطِمُ لَوْ شَهِدْتِ بِبَطْنِ خَـبْـتٍ *** وَقَدْ لاَقى الهِزَبْرُ أَخَاكِ بِشْـرَا
إِذاً لَـرَأَيْتِ لَـيْثـاً زَارَ لَـيْثـاً *** هِزَبْرَاً أَغْلَباُ لاقـى هِـزَبْـرَا
تَبَهْنَسَ ثم أحجم عَنْهُ مُهْـرِي *** مُحَاذَرَةً، فَقُلْتُ: عُقِرْتَ مُهْـرَا
أَنِلْ قَدَمَيَّ ظَهْرَ الأَرْضِ؛ إِنِّـي *** رَأَيْتُ الأَرْضَ أَثْبَتَ مِنْكَ ظَهْرَا
وَقُلْتُ لَهُ وَقَدْ أَبْـدَى نِـصـالاَ *** مُحَدَّدَةً وَوَجْهاً مُـكْـفَـهِـراًّ
يُكَفْـكِـفُ غِـيلَةً إِحْـدَى يَدَيْهِ *** وَيَبْسُطُ للْوُثُوبِ عَلـىَّ أُخْـرَى
يُدِلُّ بِمِخْـلَـبٍ وَبِـحَـدِّ نَـابٍ *** وَبِاللَّحَظاتِ تَحْسَبُهُنَّ جَـمْـرَا
وَفي يُمْنَايَ مَاضِي الحَدِّ أَبْقَـى *** بِمَضْرِبهِ قِراعُ المْـوتِ أُثْـرَا
أَلَمْ يَبْلُغْكَ مَا فَعَـلَـتْ ظُـبـاهُ *** بِكَاظِمَةٍ غَدَاةَ لَقِـيتُ عَـمْـرَا
وَقَلْبِي مِثْلُ قَلْبِكَ لَيْسَ يَخْـشَـى *** مُصَاوَلةً فَكَيفَ يَخَافُ ذَعْرَا ؟!
وَأَنْتَ تَرُومُ للأَشْـبَـالِ قُـوتـاً *** وَأَطْلُبُ لابْنَةِ الأَعْمامِ مَـهْـرَا
فَفِيمَ تَسُومُ مِـثْـلـي أَنْ يُوَلِّـي *** وَيَجْعَلَ في يَدَيْكَ النَّفْسَ قَسْرَا؟
نَصَحْتُكَ فَالْتَمِسْ يا لَيْثُ غَـيْرِي *** طَعَاماً؛ إِنَّ لَحْمِي كَـانَ مُـرَّا
فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّ الغِشَّ نُـصْـحِـى *** وَخالَفَنِي كَأَنِي قُلْتُ هُـجْـرَا
مَشَى وَمَشَيْتُ مِنْ أَسَدَيْنَ رَامـا *** مَرَاماً كانَ إِذْ طَلَبـاهُ وَعْـرَا
هَزَزْتُ لَهُ الحُسَامَ فَخِلْتُ أَنِّـي *** سَلَلْتُ بِهِ لَدَى الظَّلْماءِ فَجْـرَا
وَجُدْتُ لَـهُ بِـجَـائِشَةٍ أَرَتْـهُ *** بِأَنْ كَذَبَتْهُ مَا مَـنَّـتْـهُ غَـدْرَا
وَأَطْلَقْتُ المَهَّنَد مِـنْ يَمِـيِنـي *** فَقَدَّ لَهُ مِنَ الأَضْلاَعِ عَـشْـرَا
فَخَرَّ مُـجَـدَّلاً بِـدَمٍ كَـأنـيَّ *** هَدَمْتُ بِهِ بِناءً مُـشْـمَـخِـرا
وَقُلْتُ لَهُ: يَعِـزُّ عَـلَّـي أَنِّـي *** قَتَلْتُ مُنَاسِبي جَلَداً وَفَـخْـرَا؟
وَلَكِنْ رُمْتَ شَـيْئاً لـمْ يَرُمْـهُ *** سِوَاكَ، فَلمْ أُطِقْ يالَيْثُ صَبْـرَا
تُحاوِلُ أَنْ تُعَلِّمـنِـي فِـرَاراً! *** لَعَمْرُ أَبِيكَ قَدْ حَاوَلْتَ نُـكْـرَا!
فَلاَ تَجْزَعْ؛ فَقَدْ لاقَـيْتَ حُـرًّا *** يُحَاذِرُ أَنْ يُعَابَ؛ فَمُـتَّ حُـرَّا
فَإِنْ تَكُ قَدْ قُتِلْتَ فَلـيْسَ عَـاراً *** فَقَدْ لاَقَيْتَ ذا طَرَفَـيْنِ حُـرَّا
            وصف حي لمعركته مع الحية(ابن الفلا)
فَلمَّا بَلَغَتِ الأَبْيَاتُ عَمَّهُ نَدِمَ عَلَى ما مَنَعَهُ تَزْوِيجَهَا، وَخَشِيَ أَنْ تَغْتَالَهُ الحَيَّةُ، فَقَامَ في أَثرِهِ، وَبَلَغَهُ وَقَدْ مَلكَتَهُ سَوْرَةُ الحَيَّةِ، فَلمَّا رَأَى عَمَّهُ أَخَذَتْهُ حَمِيَّةُ الجَاهِلِيَّةِ، فَجَعلَ يَدَهُ فِي فَمِ الحَيَّةِ وَحَكَّمَ سَيْفَهُ فِيهَا، فَقَالَ:
بِشْرٌ إِلَى المَجْدِ بَعِيدٌ هَمُّهُ *** لَمَّا رآهُ بِالعَرَاءِ عَمُّـهُ
قدْ ثَكِلَتْهُ نَفْسُـهُ وَأُمُّـهُ *** جَاشَتْ بِهِ جَائِشَةٌ تَهُمُّهُ
قَامَ إِلَى ابْنٍ للفَلاَ يَؤُمُّـهُ *** فَغَابَ فِيهِ يَدُهُ وَكُـمُّـهُ
وَنَفْسُهُ نَفْسِي وَسَمِّي سَمُّهُ
                   مفاجأة القصة(الغلام ابنه)
فَلَمَّا قَتَلَ الحَيَّةَ قَالَ عَمُّهُ: إِنيِّ عَرَّضْتُكَ طَمَعاً في أَمْرٍ قَدْ ثَنَى اللهُ عِنَانِي عَنْهُ، فارْجِعْ لأَزَوِّجَكَ ابْنَتِي، فَلَمَّا رَجَعَ جَعَلَ بِشرٌ يَمْلأُ فَمَهُ فَخْراً، حَتَّى طَلَعَ أَمْرَدُ كَشِقِّ القَمَرِ على فَرَسِهِ مُدَجَّجَاً في سِلاَحِهِ، فَقَالَ بِشْرٌ: يَا عَمُّ إِني أَسْمَعُ حِسَّ صَيْدٍ، وَخَرَجَ فَإِذَا بِغُلامٍ عَلى قَيْدٍ، فَقالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا بِشْرُ! أَنْ قَتَلْتَ دُودَةً وَبَهِيمَةً تمَلأُ ماضِغَيْكَ فَخْراً؟ أَنْتَ في أَمَانٍ إِنْ سلَّمْتَ عمَّكَ فَقَالَ بِشْرٌ مَنْ أَنْتَ لا ُأَّم لكَ قَالَ اليَوْمُ الأَسْوَدُ والمَوْتُ الأَحْمَرُ، فَقالَ بِشْرٌ: ثَكِلَتْكَ مَنْ سَلَحَتْكَ، فَقالَ: يَا بِشْرُ وَمَنْ سَلَحَتْكَ، وَكَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا علَى صَاحِبِهِ، فَلَمْ يَتَمكَّنْ بِشْرٌ مِنْهُ، وَأَمكَنَ الغُلاَمَ عِشْرُونَ طَعْنَةً في كُلْيَةِ بِشْرٍ، كُلَّمَا مَسَّهُ شَبَا السِّنانِ حَمَاهُ عَنْ بَدَنِهِ إبِقْاَءً عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا بِشْرُ كَيْفَ تَرَى؟ أَلَيْسَ لَوْ أَرَدْتُ لأَطْعَمْتُكَ أَنْيَابَ الرُّمْحِ؟ ثُمَّ أَلْقَى رُمْحَهُ واسْتَلَّ سَيْفَهُ فَضَربَ بِشْراً عِشْرينَ ضرْبةً بِعَرْضِ السَّيْفِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ بِشْرٌ مِنْ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ قَالَ: يَا بِشْرُ سَلِّمْ عَمَّكَ وَاذْهَبْ فِي أَمانٍ، قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ بِشَريطَةِ أَنْ تَقُولَ منْ أَنْتَ، فَقَالَ: أَنَا ابْنُكَ، فقالَ: يَا سُبْحَانَ اللهِ مَا قَارَنْتُ عَقِيَلةً قَطُّ فَأَنَّى لِي هَذِهِ المِنْحَةُ؟؟ فَقَالَ: أَنَا ابْنُ المَرْأَةِ التِّي دَلَّتْكَ عَلى ابْنَةِ عَمِّكَ، فَقالَ بِشْرٌ:
تِلْكَ العَصَا مِنْ هَذِهِ العُصَيَّةْ *** هَلْ تَلِدُ الحَيَّةَ إِلاَّ الحَـيَّةْ!
وَحَلَفَ لاَ رَكِبَ حِصاناً، وَلا تَزَوَّجَ حَصَاناً. ثُمَّ زَوَّجَ ابْنَةَ عَمِهِ لابْنِهِ.

التحليل المجمل:
بدأالشاعر قصيدته بالنداء للتودد لترى فاطم شجاعته للوصول لمهرها، ثم وضح أن بشرا أرفع من الذي لا يعرف قدره لقد عاش بشر صعلوكا بين الأباعر(الجمال) وفي الكهوف ولذلك تميز بالقوة.عرفت عجوز انه يبحث عن عروس ولن يجد افضل من فاطمة ابنة عمه ذات الحسن والشعر الاسود كاليل الذي يتمنى البدر ان يمر من خلاله.رفض عمه تزويجه اياها ثم طلب مهرا غاليا وهو الف ناقة من نوق خزاعة.استعداد بشر للرحيل.سرى في نفس شر الحدة والغضب.وصف مخاطر الطريق.كان الجو مغبر مخيف كأنه قطعه من جهنم .سامره حفيف الغاب حينا وطيوف الذكريات حينا اخر.وفجاة جفل المهر وجمد مكانه واقشعر جسده.حدق بشر في الدجى ليعرف ما الذي خاف الفرس فوجد أسدا وهب لقتاله وقام بالدعاء على مهره أن يعقد اذا لم يثبت في المعركة ثم خاطب الأسد وضح له أنه لن يعود الا بعد أن يسمع صوت الذباب يأكله.وصف الأسد ووصف بشر .خاف الأسد مرة وبسط ظافره للهجوم مرة أخرى .عيناه كان فيهما احمرار ينظر بنظرات حادة على بشر مرارا وتكرارا كان يغلي في فمه رغوة حارة. وصف المعركة .ضج الغاب كله بالمعركة وكان بشر كالذئب عندما هجم على الأسد وقطعه عشرة قطع .فتحول الليل المظلم الى فجر.وصف شعور بشر بعد الانتصار على الأسد.من شدة فرح بشر بالنصر كان كالسكران فقدّ قميصه وكتب عليه بدم الأسد، يصور الاسد خائفا مترددا تارة ومتحفزا للهجوم والوثب باسطا اطفاره احيانا اخرى،*يصور نظرات الاسد وعيونه الغاضبة التي يروى بها خصمه مرارا وتكرارا في بداية الامر ونهايته بنيران مشتعلة من شدة الغضب،*يصور الزبد الذي يسيل من فمه بانه حار وكذلك انفاسه التي ينفثها من صدره اشد
حرا فكأنها حمم بركانية مشتعلة دلالة على قوة المعركة وشدة القتالدور الزوجة القديمة لبشر العجوز:وصفت له فاطمة ودفعته لخطبتها وطلب يدها *دور العم:رفض تزويج فاطمة لبشر وطلب من بشر مهرا غاليا *دور الاسد والافعى:احد المصاعب التي واجهت بشر في طريقه لخزاعه ،*الملثم:فارسا شجاعا أتيحت له الفرصة لقتل بشر لكنه لم يقتله وتنازل بشر عن فاطمة والزواج منها وتركها للملثم الصبي ابنه من زوجته القديمة العجوز التي أغار عليهم في بداية القصة ولم تخبرها أنها أنجبت منه قديما وأنها زوجته القديمة، لمفاجأة القصة الذي هو ابنه ؛لان بشر يمتلك القوة البدنية والعقل والسلاح فقد تغلب على الاسد والافعى اما وقوفه عاجا امام الفارس الملثم لانه يمتلك نفس القوة الجسدية والعقلية والسلاح سلالة الأبطال هو وابنه بهما نفس الروح،الايثار وتفضيل الأب ابنه على نفسه، ومحبة الأب لابنه ولحنانه عليه والاعتراف بتفوق ابنه عليه فهو أجدى بالزواج من فاطمة ابنة عم أبيه.

ليست هناك تعليقات: