الثلاثاء، 2 يونيو 2020

الحب الحقيقي (طوق الحمامة حب ابن حزم الأندلسي)

لُغَتُكَ الْعَرَبِيَّةُ فَخْرٌ لَكَ؛ لأَنَّهَا لُغَةُ الْجَنَّةِ، وَالْقُرْآنِ، وَمُحَمَّدٍ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
"قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" آل عمران: 31
لا أظنُّ أنّ اللّهَ أنزلَ في كتابه شيئًا يُذْكر فيه الحبّ أقوى مِن هذا المعنى، ربما لأنه إرشادٌ واضح ليس فيه مشقة الفهم أو عناء التدبر، ليس فيه إلا الاتباع فَحسبْ، فهذا كل ما في الأمر، فقط اتبعوا أمر هذا النبي لتنالوا الحب. ولم أرَ – في الحب والإيمان- أجمل مِن هذا الحديث النبوي الشريف الذي قال فيه رسول الرحمة والحب صلى الله عليه وسلم في حديثٍ عن أنس: "لا يُؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه مِن والده وولده والناس أجمعين" رواه البخاري (15) ومسلم (44). إنه حبٌّ لم يفرضهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما كانت النفس الرحيمة في أغواره الشريفة تضطرنا لِأنْ نحبه ونتبعه، لعلمه بأنّ اتباعه وحبه هما أسباب سعادتنا في الدنيا وأسباب نجاتنا في الآخرة.
من أحب لقاء الله أحب الله لقائه
أوَّل مَرَاتِبِ الحُبِّ الهَوَى
ثُمَّ العَلاَقَةُ وهي الحُبُّ اللاَّزِمُ للقَلْبِ
ثُمَّ الكلَفُ وهو شِدَّة الحُبِّ
ثُمَّ العشْقُ وهو اسْم لِمَا فَضَلَ عَنِ المِقْدَارِ الذي اسْمُهُ الحُبُّ
ثُمَّ الشَعَفُ وهو إحْرَاقُ الحُبِّ القلْبَ مَعَ لَذَةٍ يَجِدُها
وَكَذَلِكَ اللَّوْعَة واللاَّعِجُ ، فإنّ تِلْكَ حُرْقَةُ الهَوَى ، وهذا هوَ الهَوَى المُحْرِقُ
ثمَّ الشَّغَفُ وهُوَ أنْ يَبْلُغَ الحُبُّ شَغافَ القَلْبِ ، وهي جِلْدَة دُوْنَهُ وقد قُرِئَتَا جَمِيعاً {شَغَفَهَا حُبّاً} وَشَغَفَهَا
ثُمّ الجَوَى وَهَو الهَوَى البَاطِنً
ثُمَّ التَّيْمُ ، وهُوَ أنْ يَسْتَعْبِدَهُ الحُبُّ ، ومِنْهُ سُمِّي تَيْمُ اللّه أي عَبْدُ اللهّ ، ومِنْهُ رَجُلٌ مُتَيم
ثُمَّ التَّبْلُ وهُوَ أنْ يُسْقِمَهُ الهَوَى
وَمِنْهُ رَجُل مَتْبُول
ثُمَ التّدْلِيهُ وهُوَ ذَهَابُ العَقْلِ مِنَ الهَوَى ، ومِنْهُ رَجُلٌ مُدَلَّهٌ
ثُمَّ الهُيُومُ ، وهُوَ أنْ يَذْهَبَ عَلَى وَجْهِهِ لِغَلَبَةِ الهَوَى عَلَيهِ ، ومِنْهُ رَجُل هَائِم

ليست هناك تعليقات: