الأحد، 24 أبريل 2016

المحسنات البديعية 52 مصطلح


مقدمة في تعريف علم البديع
(البديع) لغة: هو من بَدَع وأبدع، أي: أوجده لا على مثال سابق.
واصطلاحاً: هو علم يعرف به وجوه تحسين الكلام.
والمحسنات على قسمين:
1 ـ معنوية.
2 ـ لفظية.
ولنذكرهما في فصلين:
الفصل الأول: المحسنات المعنوية.
الفصل الثاني: المحسنات اللّفظية.
المحسنات المعنوية
1-التورية
التورية، وتسمّى ايهاماً وتخييلاً أيضاً، وهي أن يكون للّفظ معنيان: قريب وبعيد، فيذكره المتكلّم ويريد به المعنى البعيد، الذي هو خلاف الظاهر، ويأتي بقرينة لا يفهمها السامع غير الفطن، فيتوهّم انّه أراد المعنى القريب، نحو قوله تعالى: (وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنهار)(1) أراد من (جرحتم): ارتكاب الذنوب، وكقوله:
أبيات شعرك كالقصور ولا قصور بها يعوق          ومن العجائب لفظها حرّ ومعناها رقيق
فللرقيق معنيان: قريب وهو العبد. وبعيد: وهو من الرقة، والشاعر أراد الثاني، لكن الظاهر من مقابلته للحرّ إرادة العبد.
2-الاستخدام
الإستخدام: وهو أن يكون للّفظ معنيان فيطلقه المتكلّم ويريد به أحد المعنيين، ثم يذكر ضميره ويريد به المعنى الآخر، نحو قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)(2) أراد بالشهر أوّلاً: الهلال، ثمّ أعاد الضمير عليه وهو يريد أيّام الشهر المبارك، وكقوله:
إذا نزل السماء بأرض قوم ق          رعينـــاه وإن كـــانوا غضابا
أراد بالسماء: المطر، وبضميره في (رعيناه) النبات.
3-الاستطراد
الإستطراد: وهو أن يشرع المتكلّم في موضوع، ثم يخرج منه قبل تمامه إلى موضوع آخر، ثم يرجع إلى موضوعه الأول، كقوله:
وانّا لقوم لا نرى القتل سبّة ق          إذا ما رأته عامر وسلول
يقرّب حبّ الموت آجالنا لنـا ق          وتـــكرهه آجالهم فتـطول
أراد مدح قومه، ثم خرج قبل تمام كلامه إلى ذم عامر وسلول، ثم رجع في الشطر الثالث إلى ما بدأ به في الشطر الأول.
4-الافتنان
الإفتنان: وهو الجمع بين فنّين من الكلام، كالمدح والذم، والتهنئة والتعزية، والغَزَل والحماسة، وأمثالها، كقوله: (عينه كالذئب لكن سنّه كالاقحوان... ).
وقوله: (فقلبي ضاحك والعين تبكي...).
وقوله:
فوددت تقبيل السيوف لأنها ق          لمعت كبارق ثغرك المتبسم
5-الطباق
الطباق: ويسمّى بالمطابقة وبالتطبيق وبالتطابق وبالتكافؤ وبالتضاد أيضاً، وهو: الجمع بين لفظين متقابلين في المعنى، ويكون على قسمين:
1 ـ طباق الايجاب: وهو ما لم يختلف فيه اللّفظان المتقابلان ايجاباً وسلباً، نحو قوله تعالى: (وانّه هو أضحك وأبكي)(3) وقوله سبحانه: (تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء)(4).
2 ـ طباق السلب: وهو ما اختلف فيه اللفظان المتقابلان ايجاباً وسلباً فمثبت مرّة ومنفي اُخرى، نحو قوله تعالى: (فلا تخشون الناس واخشون)(5) وقوله سبحانه: (هل يستوي الّذي يعلمون والّذين لا يعلمون)(6).
6-المقابلة
المقابلة: وهي أن يؤتى بمعنيين أو معان متوافقة، ثم يؤتى بمقابلها على الترتيب، قال تعالى: (فأمّا من أعطى واتّقى وصدّق بالحسنى فسنُيسِّرهُ لليُسرى وأما من بخل واستغنى وكذّب بالحسنى فسنيسّره للعسرى)(7) ونحو قوله:
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ق          واقبـــح الكفــــرَ والإفلاس بالرجل
7-مراعاة النظير
مراعاة النظير: وتسمّى بالتوافق والإئتلاف والتناسب أيضاً وهو: الجمع بين أمرين أو أمور متناسبة، كقوله تعالى: (اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانو مهتدين)(8).
ومنها: ما بني على المناسبة في (المعنى) وذلك بأن يختم الكلام بما بدأ به من حيث المعنى، كقوله تعالى: (لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللّطيف الخبير)(9). فاللطيف يناسب عدم ادراك الابصار، والخبير يناسب ادراكه للأبصار.
ومنها: ما بني على المناسبة في (اللفظ) وذلك بأن يؤتى بلفظ يناسب معناه أحد الطرفين ولفظه الطرف الآخر، كقوله تعالى: (الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان)(10) فالنجم لفظه يناسب الشمس والقمر، ومعناه - وهو النبات الذي لا ساق له ـ يناسب الشجر.
الإرصاد
الإرصاد، ويسمّى التسهيم أيضاً وهو: أن يذكر قبل تمام الكلام - شعراً كان أو نثرا ـ ما يدل عليه إذا عُرف الرويّ، كقوله تعالى: (وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)(11) فإنّ (يظلمون) معلوم من السياق، وكقول الشاعر:
احلّت دمي من غير جرم وحرّمت ق          بــلا سبب عـــند اللقاء كلامي
فـــليس الــــذي حـــلّلته بمــــحلّل ق          ولـــيس الــذي حــرَّمته بحرام
فإن (بحرام) معلوم من السياق.
أو يدل عليه بلا حاجة إلى معرفة الرويّ، نحو قوله تعالى: (ولكلّ أمّة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)(12).
الإدماج
الإدماج: وهو أن يدمج في كلام سيق لمعنى، معنى آخر غير مصرّح به، كقوله:
وليل طويل لم أنم فيه لحظة ق          أعد ذنوب الدهر وهو مديد
فإنه أدمج تعداد ذنوب الدهر بين ما قصده من طول الليل.
المذهب الكلامي
المذهب الكلامي: وهو أن يؤتى لصحة الكلام بدليل مسلّم عند المخاطب، وذلك بترتيب المقدمات المستلزمات للمطلوب كقوله تعالى: (أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم)(13) فإن المسلّم عند منكر البعث ان اعادة الموتى أهون من خلق السماوات والارض، ولذا جعله تعالى دليلاً على البعث. 
 
8-حسن التعليل
حسن التعليل: وهو أن يأتي البليغ بعلة طريفة لمعلول علّته شيء آخر، كقوله:
مـا بـه قتلُ أعاديه ولـكن ق          يتقي إخلاف ما ترجو الذئابُ
فإنه أنكر كون قتل أعاديه للغلبة وقطع جذور الفساد، وادعى له سبباً آخر، وهو: أن لا يخلف رجاء الذئاب التي تطمع في شبع بطونها.
9-التجريد
التجريد: وهو أن ينتزع المتكلّم من أمر ذي صفة أمراً آخر مثله في تلك الصفة، وذلك لأجل المبالغة في كمالها في ذي الصفة المنتزع منه، حتى كأنه قد صار منها، بحيث يمكن أن ينتزع منه موصوف آخر، وهو على أقسام:
1 ـ أن يكون بواسطة (الباء التجريدية) نحو: (شربت بمائها عسلاً مصفّى...). فكأن حلاوة ماء تلك العين الموصوفة وصلت إلى حدّ يمكن انتزاع العسل منها حين الشرب.
2 ـ أن يكون بواسطة (من التجريدية) كقوله:
لي منك أعداء ومنه أحبة ق          تـــالله أيّكمــــا إلـــيّ حبيب
فكأنه بلغ المخاطب إلى حدّ من العداوة يمكن أن ينتزع منه أعداء، وكذلك بلغ غيره من المحبّة بحيث ينتزع منه أحبة.
3 ـ أن لا يكون بواسطة، كقوله: (وسألت بحراً إذ سألته) جرّد منه بحراً من العلم، حتى أنه سأل البحر المنتزع منه إذ سأله.
4 ـ أن يكون بطريق الكناية، كقوله: (... ولا يشرب كأساً بكف من بخلا) أي: أنه يشربها بكفّ الجواد، جرّد منه جواداً يشرب هو بكفّه، وحيث أنّه لا يشرب إلاّ بكف نفسه، فهو إذن ذلك الكريم.
5 ـ أن يكون المخاطب هو نفسه، كقوله:
لا خيل عـندك تـهديها ولا مـال ق          فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
فإنّه انتزع وجرّد من نفسه شخصاً آخر وخاطبه فسمي لذلك تجريداً، وهو كثير في كلام الشعراء.
10-المشاكلة
المشاكلة: وهي أن يستعير المتكلّم لشيء لفظاً لايصح اطلاقه على المستعار له إلاّ مجازاً، وانما يستعير له هذا اللفظ لوقوعه في سياق ما يصح له، كما في الدعاء: (غيِّر سوء حالنا بحسن حالك)(14) فإن الله تعالى لا حال له، وانما استعير له الحال بمناسبة سياق (حالنا) وكقوله تعالى: (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك)(15) فإن الله تعالى لا نفس له، وإنما عبّر بها للمشاكلة، وكقوله:
قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه ق          قلت اطبخوا لي جبة وقميصاً
أي: خيّطوا لي جبّة وقميصاً، فأبدل الخياطة بلفظ الطبخ لوقوعها في سياق طبخ الطعام.
 
11-المزاوجة
المزاوج: وهي المشابهة وذلك بأن يزاوج المتكلّم ويشابه بين أمرين في الشرط والجزاء، فيرتب على كل منهما مثل ما رتب على الآخر، كقوله:
إذا قــال قولاً فأكّد فيه ق          تجانبت عنه وأكّدت فيه
رتب التأكيد على كل من قول المتكلّم وتجانب السامع.
12-الطي والنشر
الطي والنشر، ويسمّى اللّف والنشر أيضاً، وهو: أن يذكر أموراً متعددة، ثم يذكر ما لكل واحد منها من الصفات المسوق لها الكلام، من غير تعيين، اعتماداً على ذهن السامع في إرجاع كل صفة إلى موصوفها، وهو على قسمين:
1 ـ أن يكون النشر فيه على ترتيب الطي، ويسمّى باللّف والنشر المرتّب كقوله:
آرائهم ووجــوهم وسيوفهم ق          في الحادثات إذا دجون نــجوم
منها معالـم للهدى ومصابح ق          تجلو الدجى والأخريات رجـوم
فالآراء معالم للهدى، والوجوه مصابح للدجى، والسيوف رجوم.
2 ـ أن يكون النشر فيه على خلاف ترتيب الطي، ويسمّى باللّف والنشر المشوّش، نحو قوله تعالى: (فمحونا آية اللّيل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربّكم ولتعلموا عدد السنين والحساب)(16) فابتغاء الفضل في النهار وهو الثاني، والعلم بالحساب لوجود القمر في اللّيل وهو الأول، فكان على خلاف الترتيب.
الجمع
الجمع: وهو أن يجمع المتكلّم بين أمرين أو أكثر في حكم واحد، كقوله تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)(17) وقوله سبحانه: (إنَّما الخمرُ والميسرُ ولأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه)(18)، وكقوله:
انّ الشباب والفراغ والجده ق          مفسدة للـمرء أيَّ مــفسدة
13-التفريق
التفريق: وهو أن يفرق بين أمرين من نوع واحد في الحكم، كقوله تعالى: (وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح اُجاج)(19). 
14-التقسيم
التقسيم: وهو أن يأتي بمتعدّد ثم يحكم على كل واحد منها بحكم، كقوله تعالى: (كذَّبتْ ثمود وعاد بالقارعة فأمّا ثمود فاُهلكوا بالطاغية وأما عاد فاُهلكوا بريح صرصر عاتية)(20).
وقد يطلق التقسيم على أمرين آخرين:
1 ـ على استيفاء أقسام الشيء، كقوله تعالى: (يهب لمن يشاء اُناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوّجهم ذكراناً واناثاً ويجعل من يشاء عقيماً)(21) فإنّ الامر لا يخلو من هذه الاقسام الأربعة.
2 ـ على استيفاء خصوصيات حال الشيء، كقوله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم)(22).
15-الجمع والتفريق
الجمع والتفريق وهو أن يجمع بين أمرين في شيء واحد، ثم يفرق بينهما في ما يختص بكل واحد منهما، كقوله:
قلب الحبيب وصخر الصم من حجر ق          لكـن ذا نابع والقلـــب مغلوف
16-الجمع والتقسيم
الجمع والتقسيم: وهو أن يجمع بين متعّدد ثم يقسّم ما جمع، أو يقسم أولاً ثم يجمع، فالأول كقوله:
حتـى أقـام على أرباض خرشنة ق          تشقى به الروم والصلبان والـبيع
للرق مـا نسلوا والقتل ما ولدوا ق          والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا
والثاني كقوله:
قوم إذا حـاربوا ضروا عدوهم ق          أو حاولوا النفع في أشياعهم نفـعوا
سجية تلك فـيهم غير محدثة ق          انّ الخلائق فاعلم شرّهــا الـــبدعُ
17-الجمع مع التفريق والتقسيم
الجمع مع التفريق والتقسيم: وهو أن يجمع بين أمرين في شيء واحد ثمّ يفرّق بينهما بما يخصّ كلّ منهما ثمّ يقسّم ما جمع، نحو قوله تعالى: (يوم يأتي لاتكلّم نفس إلاّ بإذنه فمنهم شقيّ وسعيد، فأمّا الّذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق، خالدين فيها ما دامت السماوات والارض إلاّ ما شاء ربّك انّ ربك فعّال لما يريد، وأمّا الّذين سُعدوا ففي الجنّة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلاّ ما شاء ربّك عطاءاً غير مجذوذ)(23) جمع الانفس في عدم التكلّم ثمّ فرّق بينها بأن بعضها شقيّ وبعضها سعيد، ثم قسّم الشقي والسعيد إلى ما لهم هناك في الآخرة من الثواب والعقاب.
18-المبالغة
المبالغة: وهي الإفراط في الشيء، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ التبليغ، وهو أن يكون الإدعاء ممكناً عقلاً وعادة، كقوله:
جــاء رجــال البلد ق          مــليكمـــهم كــالفرقـــــــد
فإن مجيْ جميع رجال البلد ممكن عقلاً وعادة.
أباد عسكرنا ما دب أو درجـــا ق          في أرض نجد وما فرد لهم برجا
فإن الإبادة ممكنة عقلاً، مستحيلة عادة.
2 ـ الغلو، وهو أن يكون الإدعاء مستحيلاً عقلاً وعادة، كقول الغالي:
ان الوصــي هـو الإله وأنما ق          آياتــه احياء عظـــم رمــيم
فإن الوهية علي (عليه السلام) مستحيلة عقلاً وعادة.
19-المغايرة
المغايرة: وهي ـ أن، يمدح المتكلّم شيئاً ثم يذمّه، أو بالعكس، كقوله:
جـــزى الله الــحوادث منجيات ق          وأخـــزاها حــــوادث مـــاحــقات
فإن الحادثة قد ترفع الشخص وقد تضعه.
20-تأكيد المدح
تأكيد المدح بما يشبه الذمّ، وهو على ثلاثة أقسام:
1 ـ أن يأتي بمستــثـــنـــى فيه معنى المــــدح معمولاً لفعل فيـــه معنى الذمّ، نحو قوله تعالى: (وما تنقم منّا إلاّ أن آمنّا بأيات ربنا)(24).
2 ـ أن يستثني صفة مدح من صفة ذمّ منفية عن الشيء، نحو قوله:
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم ق          بــهنّ فلول من قـراع الكـــتائب
3 ـ أن يثبت صفة مدح لشيء ثمّ يأتي بعدها بأداة استثناء أو استدراك يعقبها بصفة مدح اُخرى، نحو قوله:
فتى كملت أوصـافه غيـــر أنّه ق          جواد فما يبقى مــن المال باقياً
ونحو قوله في مثال الإستدراك:
وجوه كاظهار الـرياض نضارة ق          ولكنها يــوم الهيـاج صخــور
21-تأكيد الذمّ
تأكيد الذم بما يشبه المدح، وهو على قسمين:
1 ـ أن يثبت صفة ذمّ لشيء ثمّ يأتي بعدها بأداة استثناء أو استدراك يعقبها بصفة ذمّ اُخرى كقوله: (كله ذم سوى أنّ محياه قبيح(.
2 ـ أن يستثني صفة ذمّ من صفة مدح منفية عن الشيء، كقوله:
خلا مـن الفضل غـر أنّي ق          أراه فــي الحُمـــق لا يجــارى 
22-التوجيه
التوجيه: وهو أن يؤتى بكلام يحتمل أمرين متضادين كالذمّ والمدح، والدعاء له وعليه، كقوله - في خيّاط اسمه عمرو، وكان أعور -:
خــاط لــي عمـرو قبــاءأً ق          لـيــت عينيه ســـواء
قلت شعــراً لــيس يدري ق          أمــديــح أم هجــاء
والفرق بين التوجيه والتورية: أن التورية لا تكون إلا فيما له معنيان بأصل الوضع، بخلاف التوجيه.
23-نفي الشيء بإيجابه
نفي الشيء بإيجابه: وهو أن ينفعي شيئاً عن شخص فيوهم اثباته له في الجملة، نحو قوله تعالى: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله)(25).
وكقوله للخليفة:
لم يُشغَلَنْك عن الجهاد مكاسب ق          تــــرجو ولا لــــهو ولا أولاد
فإنه يوهم اشغال المكسب له في الجملة- كما في الأولاد-مع أنه لا كسب للخليفة.
24-القول بالموجب
القول بالموجب: وهو أن يحمل كلام الغير على خلاف مراده، كقوله:
وقــــالوا قد صفت مـــنّا قلوب ق          لـقد صدقوا ولكن عن ودادي
فإنهم أرادوا الخلوص له، فحمله الشاعر على الخلوّ من وداده.
25-ائتلاف اللّفظ والمعنى
ائتلاف اللفظ والمعنى: وهو أن يُختار للمعنى المقصود ألفاظ تؤديه بكمال الوضوح، كقوله ـ في الذمّ ـ:
ولو أن برغوثاً على ظهر قملــة ق          تكرّ علــى صفيّ تميم لـولّت
وكقوله في المدح:
اذا ما غضبنا غضبة مضرية ق          هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
25-التفريع
التفريع: وهو جعل الشيء فرعاً لغيره وذلك بأن يُثبت لمتعلّق أمر حكماً بعد أن يُشتبه لمتعلّق آخر على نحو يُشعر بالتفريع، كقوله:
طبّــه يــنفي الـمرض ق          فقهــه ينفــي البــدع
فله الله طبيباً وفقيهاً متّبع
26-الاستتباع
الإستتباع: وهو الوصف بأمر على وجه يستتبع الوصف بأمر آخر، مدحاً أو ذماً، مدحاً كقوله:
سمح البديهة لـيس يــمسك لفظه ق          فـكأنما ألفاظه من ماله
وذمّاً، كقوله ـ في قاضٍ ردّ شهادته برؤية هلال شوال ـ:
أترى القاضي أعمــى ق          أم تــراه يتعامــى
سرق العيـد كــأنّ الـــ ق          عـــيد أمـوال اليتــامــــى
27-السلب والإيجاب
السلب والإيجاب: وهو أن يسلب صفة مدح أو ذم عن الجميع ليثبتها لمن قصد، فالمدح كقوله:
كــل شخص لقـيت فيــه هنـات ق          غير سلمى فخلقها من فضائل
والذم، كقوله: (لا أرى في واحد ما فيه من جمع الرذائل).
ويسمّى السلب والإيجاب: الرجوع أيضاً بمعنى العود على الكلام السابق بالنقض لنكتة، كقوله:
وما ضاع شعري عندكم حين قلته ق          بلــى وأبيكم ضاع فهو يضوع
28-الإبداع
الإبداع: وهو أن يكون الكلام مشتملاً على جملة من المحسنات البديعية، كقوله تعالى: (وقيل يا أرض ابلعي مائك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقُضي الامر واستوت على الجوديّ وقيل بُعداً للقوم الظالمين)(26).
قيل: أنّه يوجد في هذه الآية الكريمة اثنان وعشرون نوعاً من أنواع البديع اشيرها إليها في المفصّلات.
وكقوله:
فضحتَ الحيا والبحر جوداً فقد بكى ال ق          حيا من حياء منك والتطم البحر
29-الأسلوب الحكيم
الأسلوب الحكيم: وهو اجابة المخاطب بغير ما سأل، تنبيهاً على كون الاليق هو السؤال عمّا وقع عنه الجواب، كقوله تعالى: (يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للناس والحجّ)(27) فإنهم لّما لم يكونوا يدركون سبب اختلاف أشكال الهلال، اجيبوا بما ينبغي السؤال عنه، وهو فائدة اختلاف الأهلّة.
وكقوله:
قـلت: ثقلتُ إذ أتيتُ مـراراً ق          قــــال: ثقّلتَ كـاهلي بالأيادي
قلت: طوّلتُ، قال أوليتَ طَولاً ق          قلت: أبرمتُ، قال: حبل ودادي
30-تشابه الأطراف
تشابه الأطراف: وهو أن يكون بدء الكلام وختامه متشابهين لفظاً أو معنى:
الأول: وهو التشابه في اللــّفــــظ كقوله تعالى: (مثل نــــوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنّها كوكبٌ درّيّ)(28).
الثاني: وهو التشابه في المعنى كقوله:
سم زعــــاف قـولـه وفعاله ق          عند البصير كمثل طعم العلقم
فإن العلقم يناسب السمّ في المذاق.
31-العكس
العكس: وهو أن يكون الكلام المشتمل على جزئين أو أكثر، في فقرتين، فيقدم ما أخّره في الفترة الأولى، ويؤخّر ما قدّمه، كقوله تعالى: (لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ)(29) وكقوله:
في هواكم يا سادتي متُّ وجداً ق          مـتُّ وَجداً يا سادتي في هـواكمُ
32-الهزل
الهزل: وهو أن يأتي بهزل يراد به الجدّ، كقوله:
إذا ما جاهلي أتاك مـــفاخراً ق          فقل: عَدّ عن ذا كيف أكلك العنب
33-الاطراد
الاطراد: وهو أن يأتي باسم من يقصده واسم آبائه على ترتيب تسلسلهم في الولادة بلا تكلّف في السبك، كقوله:
إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم ق          بعتيبة بن الحــارث بـن شهاب
ومنه قوله (صـــلى الله عليه وآله وسلم): الكريم ابن الـــكريـــم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم(30).
34-تجاهل العارف
تجاهل العارف: وهو أن يرى المتكلّم نفسه جاهلاً، مع أنه عالم، وذلك لنكتة كقوله: (أمنزل الأحباب ما لك موحشاً(...؟
أما إذا وقع مثل ذلك في كلام الله سبحانه، كقوله تعالى: (وما تلك بيمينك ياموسى)(31) أو في كلام أوليائه، فلا يسمّى بتجاهل العارف، بل يسمّى حينئذ: ايراد الكلام في صورة الإستفهام لغاية.
35-الجناس
الجناس: وهو تشابه لفظين، مع اختلافهما في المعنى، وهو قسمان:
1 ـ لفظي.
2 ـ معنوي.
أقسام الجناس اللفظي
الجناس اللفظي على أقسام:
1 ـ الجناس التام: وهو ما اتفق فيه اللفظان المتجانسان في أمور أربعة:
نوع الحروف، وعددها، وهيئتها، وترتيبها مع اختلاف المعنى، كقوله تعالى: (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة)(1) فالمراد بالساعة الاولى: يوم القيامة، وبالساعة الثانية: جزء من الزمان.
2 ـ الجناس غير التام: وهو ما اختلف اللفظان في أحد الأمور الأربعة المذكورة (النوع والعدد والهيئة والترتيب).
فالإختلاف في عدد الحرف، نحو: (دوام الحال محال).
وفي نوعه: كقوله تعالى: (ذلك بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحقّ وبما كنتم تمرحون)(2).
وفي هيئته: نحو: (الجَدّ في الجِدّ والحرمان في الكسل).
وفي ترتيبه: نحو: (رحم الله من فكّ كفّه وكفّ فكّه).
3 ـ الجناس المطلق: وهو توافق اللفظين في الحروف وترتيبها، بدون أن يجمعهما اشتقاق، نحو: (غِفار، غفر الله لها).
وإن جمعهما اشتقاق سمي جناس الإشتقاق، نحو قوله تعالى: (لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد)(3).
4 ـ الجناس المذيّل: وهو ما يكون الإختلاف بأكثر من حرفين في آخره، كقوله:
يمدون من أيد عواص عواصم             تـــصول بأسياف قواض قواضب
5 ـ الجناس المطرّف: وهو ما يكون الإختلاف بزيادة حرفين في أوله، كقوله:
وكــم غرر مـــن برّه ولطائف            لشكري على تلك اللطائف طائف
6 ـ الجناس المضارع: وهو ما يكون باختلاف اللفظين في حرفين، مع قرب مخرجهما، كقوله تعالى: (وهم ينهون عنه وينئون عنه)(4).
7 ـ الجناس اللاحق: وهو ما يكون باختلاف اللفظين في حرفين، مع بعد مخرجهما، كقوله تعالى: (ويل لكلّ هُمَزةٍ لُمَزةٍ)(5).
8 ـ الجناس التلفّظي: وهو ما اختلف ركناه خطاً مع اتحادهما في التلفّظ، كقوله:
اعـذب خـــلق الله نطقاً وفمـاً            إن لم يــكن أحق بالحُسن فمن
فالاول تنوين، والثاني نون.
9 ـ الجناس المحرّف: وهو ما اختلف اللفظان في هيئات الحروف من حيث الحركات، نحو: (جُبة البُرد جُنّة البَرد).
10 ـ الجناس المصحّف: وهو ما اختلف اللّفظان من حيث التنقيط، بحيث لو زالت النُقَط لم يتميّز أحدهما عن الآخر، ككتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية: (غَرّك عزُّك فَصار قصار ذلك ذُلّك، فاخش فاحش فعلك، فعلّك تهدى بهذي)(6).
11 ـ الجناس المركّب: وهو ما اختلف اللفظان من حيث التركيب والإفراد، كقوله:
إذا ملك لم يكن ذا هبة            فــدعه فــدولته ذاهبة
فالاول مركب بمعنى: صاحب هبة، والثاني: مفرد وهو اسم الفاعل:
12 ـ الجناس الملفّق: وهو ما كان اللّفظان كلاهما مركّباً، كقوله:
فلم تضع الأعادي قدر شأني            ولا قــــــــالوا فلان قد رشاني
الاول: مركّب من (قدر) ومن (شأني) والثاني: مركّب من (قد) ومن (رشاني).
13 ـ جناس القلب: وهو ما اختلف فيه اللفظان في ترتيب الحروف، نحو: (رحم الله امرءاً مسك ما بين فكّيه وأطلق ما بين كفيّه).
14 ـ الجناس المستوى: وهو من جناس القلب، ويسمّى أيضاً: (مالا يستحيل بالإنعكاس) وهو ما لايختلف لو قريء من حرفه الاخير إلى الأوّل معكوساً ومقلوباً، وانّما يحصل بـــعـــيــنـــــه، نحو قوله تعالى: (كلّ فــــي فلك)(7) وقوله سبحانه: (ربّك فكبّر)(8) فإنّه ينعكس بعينه، ونحو قوله:
مودّته تدوم لكلّ هولٍ            وهل كـــلٌ مودّته تدوم
وكذا قوله: (أرانا الإله هلالاً أناراً).
أقسام الجناس المعنوي
الجناس المعنوي قسمان:
1 ـ جناس الإضمار: وهو أن يأتي بلفظ يحضر في ذهنك لفظاً آخر، واللفظ الآخر يُراد به غير معناه بدلالة السياق، كقوله:
فهو إذا رأته عين الرائي            أبــو معاذ أو أخو الخنساء
فإن المراد بأبي معاذ: (جبل) وبأخ الخنساء: (صخر) وليس بمراد، وانما المراد: ذم المقصود بأنه كالصخر.
2 ـ جناس الاشارة: وهو ما ذكر فيه أحد اللفظين وأشير للآخر بما يدلّ عليه، كقوله:
ياحمزة اسمح بـوصل            وامـنن علينا بقــرب
في ثغرك اسمك أضحــى            مــصحّفاً وبقلــبي
أراد (الخمرة) و(الجمرة) إذ هما مصحفا حمزة.
 
36-التصحيف
التصحيف: وهو التشابه بين كلمتين أو أكثر خطّأً، والفارق النقط، كـ(التحلّي) و(التخلّي) و(التجلي).
37-الازدواج
الازدواج: وهو تجانس اللفظين المجاورين، نحو: (من لجّ ولج) و(من جدّ وجد).
 
38-السجع
السجع: هو توافق الفاصلتين أو الفواصل في الحرف الاخير- والفاصلة في النثر كالقافية في الشعر- وموطن السجع النثر، وأحسنه ما تساوت فقراته، كقوله تعالى: (في سدر مخضود وطلح منضود وظلّ ممدود)(9) وإن لم تتساو فقراته فالاحسن ما طالت فقرته الثانية نحو قوله تعالى: (والنجم إذا هوى، ما ضلّ صاحبكم وما غوى)(10) أو طالت فقرته الثالثة، نحو قوله تعالى: (خذوه فغلّوه، ثمّ الجحيم صلّوه، ثمّ في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه)(11) ولا يحسن العكس بأن تطول الفقرة الاولى دون الثانية، أو الثانية دون الثالثة، لأن السامع ينتظر بقيتها، فإذا انقطع كان كالمبتور.
39-التشطير
التشطير: وهو جعل كل من شطري البيت مسجوعاً سجعة مخالفة للسجعة الّتي في الشطر الآخر، وهذا يكون على القول بعد اختصاص السجع بالنثر، كقوله:
تدبير معتصم بالله منتقم            لله مــرتغب في الله مرتقب
فالشطر الاوّل سجعته مبنيّة على الميم والثاني على الباء.
40-الموازنة
الموازنة: وهي تساوي الفاصلتين في الوزن فقط لا في التقفية، نحو قوله تعالى: (ونمارق مصفوقة، وزرابيّ مبثوثة)(12) فإن كلمة (مصفوفة) متفقة مع كلمة (مبثوثة) في الوزن، لا في التقفية.
41-الترصيع
الترصيع: وهو توازن الألفاظ مع توافق الاعجاز، أو تقاربها، ومثال التوافق قوله تعالى: (إنّ الأبرار لفي نعيم وإن الفجّار لفي جحيم)(13).
ومثال التقارب قوله تعالى: (وآتيناهما الكتاب المستبين، وهديناهما الصراط المستقيم)(14).
42-التشريع
التشريع: ويسمّى (التوشيح) و(ذا القافيتين) أيضاً، وهو بناء البيت على قافيتين أو أكثر، يصح الوقوف على كلّ واحد منها، كقوله:
يا خــــــاطب الدنيا الدنية انها            شرك الـــردى وقرارة الأكدار
دار إذا ما أضحكت في يومها            أبــكت غداً تبّاً لها مــــن دار
فيصح الوقوف على (الردى) و)غدا) فتنقلب الأبيات من (بحر الكامل) وتكون من (مجزوء الكامل) وتقرأ هكذا:
ياخــاطب النيــا الدنــــ           ــــيّة انها شَرَك الــــردى
دار إذا مـــا أضحكت            فـــي يومها أبكت غداً
43-لزوم ما لا لزم
لزوم ما لايلزم: ويسمّى الالزام والتضمين والتشديد والإعنات أيضاً، وهو أن يجيء قبل حرف الرويّ - في فاصلتين وأكثر أو بيتين وأكثر - بحرف لا يتوقّف السجع عليه، كقوله تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر)(15).
وكقوله:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل            وحليــة الفضل زانتني لدى العَطَل
فالراء في الآية واللام في الشعر، حروف الروي، وقد جيء قبل الراء بالهاء وقبل اللام بالطاء، وهو غير لازم لتحقّق السجع بدون ذلك.
44-ردّ العجز على الصدر
ردّ العجز على الصدر: وهو ان يعاد ما بدأ به الاخير، كقوله تعالى: (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه)(16).
وقوله:
سريع الى ابن العم يلطم وجهه            ولــــيس إلى داعي الندى بسريع
45-ما لا يستحيل بالانعكاس
مالا يستحيل بالإنعكاس، ويسمّى: القلب المستوي كما مرّ في جناس القلب، وهو: أن يقرأ عكساً كما يقرأ طرداً: (دام علاء العماد). ونحو: (كن كما أمكنك) فإنه إذا قرئ عكساً من الاخير الى الاوّل كان أيضاً: (دام علاء العماد) و(كن كما أمكنك).
46-المواربة
المواربة: وهي أن يجعل المتكلّم كلامه بحيث يمكن تغييره بتصحيف ونحوه، كما يحكى عن أبي نؤاس أنّه كتب على باب قصر هارون العباسي البيت التالي:
لقد ضاع شعري على بابكم            مـــــا ضاع عقد على خالصة
فلما أنكر عليه هارون ذلك، محى هلال العين، فصار البيت كالتالي:
لقد ضاء شعري على بابكم            كمـــا ضاء عِقد على خالصه
47-ائتلاف اللّفظ مع اللّفظ
ائتلاف اللّفظ مع اللّفظ: وهو أن يؤتى في العبارة بألفاظ من واد واحد في الأنس والغرابة ونحوهما، نحو: (ما لكم تكاكأتم عليّ... افرنقعوا) جمع بين غريبين (تكاكأتم) و(افرنقعوا).
48-التسميط
التسميط: وهو أن يجعل الشاعر بيته على أربعة أقسام، كقوله:
فنحن في جزل، والروم في وجل            والبــرّ في شغل، والبحر في خجل
49-الانسجام
الإنسجام: ويسمّى (السهولة) أيضاً، وهو سلامة الألفاظ والمعاني مع جزالتهما وتناسبهما، كقوله تعالى: (كلٌّ في فلك يسبحون)(17) وكقوله:
ما وهب الله لامرىء هبة            أفضلَ مـن عقله ومن أدبه
هما كمال الفتى فـإن فقدا            ففقـــده للحياة أليق بــــه
50-الاكتفاء
الإكتفاء: وهو أن يحذف بعض الكلام لدلاله العقل عليه، كقوله:
قالت بنات العم يا سلمى وإن            كــان فقيراً معدماً قالت وإن
أي: وإن كان فقيراً معدماً.
51-التطريز
التطريز: وهو أن يكون صدر الكلام مشتملاً على ثلاثة أسماء مختلفة المعاني، ويكون العجز صفة مكررة بلفظ واحد، كقوله:
وتسقيني وتشرب من رحيق            خليق أن يُلقّب بـــــالخلوق
كـــأن الكأس فـي يدها وفيها            عقيق في عقيق في عقيق
52-التوشيع
التوشيع، مأخوذ من الوشيعة وهي الزهر المختلف الألوان ومن البرد الوشيع وهو الكثير النقوش، هو أن يؤتي في عجز الكلام بمثنى مفسر باسمين، ثانيهما معطوف على الأول، نحو «يشيب ابن آدم ولا تشيب فيه خصلتان: الحرص وطول الأمل».
 

 

( مباحث في علم المعاني)الإطناب والإيجاز والمساواة والالتفات التجاهل والقلب التعبير بالمضارع عن الماضي والعكس والتغليب.

 أقسام الإطناب :
1- ومن أقسامه ما يسمى بالتوشيع :
وهو أن يؤتى في آخر الكلام بمثنى مفسر بمفردين حتى يظهر المعنى ظهورا بينا :
كما لو قلت :
ــ العلم علمان : (علمان مثنى سيفسر هذا المثنى )
العلم علمان : علم الدين وعلم الدنيا
أيضا من أنواع الإطناب :
الاعتراض :
ـــــــــــــــــــ
وهو أن يؤتى بجملة معترضة أو بجملتين أو أكثر في أثناء الكلام :
وهي من حيث الحكم النحوي لا محل لها من الإعراب
وإنما يؤتى بها عند البلاغيين لأغراض :
من بين هذه الأغراض :
الدعاء :
كأن تقول لشخص : إني – حفظك الله – مشغول
الأصل : إني مشغول
ومن الأغراض التي تستفاد من الجملة الاعتراضية :
التنزيه :
((وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ))
يمكن أن يكون الكلام في غير القرآن: قال ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق
وقد يراد منه التهويل :
كما في قوله تعالى :
(( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ))
ممكن أن يكون الأصل : وإنه لقسم عظيم
وقد يراد منه: التنبيه على فضيلة الشيء:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمثلا قول الشاعر :منبها على فضل العلم :
واعلم فعلم المرء ينفعه      
                          أن سوف يأتي  كل ما قُدِّرا
أصل الكلام :
 واعلم أن سوف يأتي كل  ما قدرا
فأتى بجملة :" فعلم المرء ينفعه " جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب يراد منها :
" التنبيه على فضل العلم "
وهناك أيضا فوائد ممكن تعرف حسب السياق
2- ومن أقسام الإطناب :
التكرار
وهو أن يذكر الشيء أكثر من مرة
ويكون هذا لأغراض :
من بينها :
التأكيد :
(( كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ))
ومن فوائد التكرار :
قصد الاستيعاب :
كقولك : قرأت الدرس بابا بابا
ومن فوائد التكرار :
زيادة الترغيب:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في العفو مثلا
قال تعالى :
 ((وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ))
لكن فيما استدل به عندي فيه توقف :
لأن معنى العفو والمغفرة والصفح يختلف إذا اجتمعن إلا إن كان القصد العفو في  مجمله فيمكن أن يكون
يمكن أن نأتي بمثال بحيث لا يدخل علينا فيه:
ــ إن تعفو عن زيد إن تعفو عن زيد فأنت كريم
وقد يكون التكرار :
للتعزز:
مثل :
سقى الله نجدا والسلام على نجد  
                         ويا حبذا نجد على القرب والبعد
وهنا أيضا أغراض للتكرار تعرف حسب السياق
البلاغة تعتمد على الذوق وبالنظر المتأمل في السياق تعرف الغرض منه
3- ومن أنواع  الإطناب :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
التذييل :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهو أن تعقب جملة بجملة أخرى مستقلة تشتمل على معناها تأكيدا لها :
قال تعالى :
{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ }
التذييل : ((وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ))
4- ومن أقسام الإطناب :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاحتراس:
ــــــــــــــــــــــ
ويسمى بالتكميل :
وهو أن يؤتى بعد كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفع ذلك الإيهام حتى لا يلومه لائم .
كقول الشاعر :
فسقى دياركِ غير مفسدها
ماذا يستفاد من هذا الشطر من البيت ؟
السقيا قد تكون للإصلاح وقد تكون للفساد
فاحترس
مثال أوضح :
قال تعالى :
 (( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ))
أين الإطناب ؟
على حبه
ممكن أن يكون :
ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا
فربما يتوهم متوهم لو لم تكن هذه الكلمة موجودة أنهم يطعمون مما لا يحبون
لأنهم يطعمون مع حبهم واشتهائهم لهذا الطعام .
مثل ما قالت المرأة في حديث أم زرع :
قالت :
 (( زوجي ألمس مس أرنب والريح ريح زرنب وأنا أغلبه والناس يغلب))
قالت وأنا أغلبه
لو لم تأت  بقولها والناس يغلب لتوهم أنه ضعيف في جميع الأحوال
لكنها أحبت أن تبيين أنه لكرمه ودماثة  خلقه يدعني أن أغلبه
لكنه بين الناس من الشجعان
هذا ما يسمى :
بالتكميل
او
الاحتراس
إذاً :
عندنا في تأدية المعنى ثلاث طرق:
الإيجاز
الإطناب
المساواة
 
 
 
والمساواة :
هي تأدية المعنى بعبارة مساوية له
مثل :
جاء  زيدٌ
لو سألت سؤالا :
قوله تعالى :
{وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً }
هل  هنا إيجاز؟
هل هنا إطناب ؟
هل هنا مساواة ؟
فيها إطناب ونوعه :   احتراس :
قد يعمل الشخص عملا وليس من المؤمنين
أمثلة للتطبيق :
ــــــــــــــــــــــــ
يقول النبي عليه الصلاة والسلام :
((أصدق كلمة قالتها العرب كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا اللهَ باطلُ ))
في المثال :
إطناب ونوعه : احتراس
(( ولكن البر من اتقى ))
هل البر يتقي ؟
صاحب البر هو الذي يتقي
في  المثال : إيجاز :
ونوعه : إيجاز حذف
أصل الكلام : ولكن ذا البر من اتقى
فحل المضاف إليه البر محل " ذا "
(( خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا ))
إيجاز حذف :
التقدير : وآخر عملا سيئا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
 
 
عندنا في علم المعاني  :
ما يسمى بالالتفات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما هو الالتفات ؟
هو العدول عن أسلوب إلى أسلوب آخر
لماذا ؟
حتى لا يمل السامع
إما ان يكون الحديث في  مقام الخاطب أو التكلم أو الغيبة
لأن المتكلم إما أن : يخاطب شخصا أو يتكلم أو يخبر عن غائب
سأضرب أمثلة  ومن ثم تعرف من  ثنايا السياق أنه عدل مثلا عن التكلم إلى  الخطاب أو عن التكلم إلى الغيبة:
ــــــــــــــــــــــــ
عدول من التكلم إلى الخطاب :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(({وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
أول الحديث : (( وما لي لا أعبد )) تكلم
إلى الخطاب : ( (ترجعون ))
عدول من الخطاب إلى الغيبة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ }
(( ربنا إنك )) هذا خطاب
(( إن الله لا يخلف الميعاد )) غيبة
لم يقل : إنك لا تخلف الميعاد
وعلى هذا فقس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومما يذكر في علم المعاني :
تجاهل العارف :
وذلك أن يجعل العارف بالشيء نفسه جاهلا لأغراض :
منها المبالغة في الذم :
كقولك لشخص : أنت رجل أم طفل ؟
هو عارف لكنه أراد بهذا التجاهل أن يبالغ في ذمه
ومن أغراضه :
المبالغة في المدح :
كقول الرجل يدخل الأنس في  نفس زوجته :
وجهك بدر أم شمسٌ ؟
ومما يذكر في  علم المعاني :
ما يسمى بالقلب :
ــــــــــــــــــــــــــ
ويعرف بالتأمل :
كقولك :
 عرضت الناقة على الحوض
هنا فيه قلب
الأصل : عرضت الحوض على الناقة
ما هو الذي يعرض ؟
الحوض
ومما يذكر في علم المعاني أيضا :
التعبير عن المضارع بلفظ الماضي لأغراض :
ــ التنبيه على تحقق الوقوع :
قال تعالى : (( أتى أمر الله ))
هل أتى ؟
لا
إذاً الأصل : يأتي أمر الله
فعبر عن المضارع الذي للمستقبل عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه
مثل ما مر معنا في القواعد الأربعة : إذ وإذا
ومن بينها :
التفاؤل :
مثل : إن شفاك الله تسافر معي
الأصل : إن يشفك الله تسافر معي، لأنه لم يشف لكن أتى بالماضي بدلا عن المضارع تفاؤلا بشفائه
ومن فوائده :
التعريض :
قال تعالى : (( لئن أشركت ليحبطن عملك ))
الأصل : لئن تشرك لأنه لم يشرك
لكن من الذي أشرك ؟
الكفار
فعبر عن المضارع بلفظ الماضي تعريضا بالمشركين لأن أعمالهم قد حبطت
ومما  يذكر  في علم المعاني أيضا :
التعبير عن الماضي بلفظ المضارع :
ومن فوائده :
 إفادة الاستمرار فيما مضى
قوله تعالى :
 (( لو يطيعكم في  كثير من الأمر ))
الأصل : لو أطاعكم
ومرت معنا هذه الآية
المعنى : لو استمر على إطاعتكم لهلكتم
ومما يذكر أيضا في علم المعاني :
التعبير عن المستقبل إما باسم الفاعل او اسم المفعول
يوم القيامة في المستقبل :
اسم الفاعل واسم المفعول يدلان في  حقيقتهما على الحاضر
فإذا عبر عن المستقبل بما يدل على الحاضر ماذا يستفاد ؟
تحقق الوقوع
قال عز وجل :
(( إن الدين لواقع ))
هنا : واقع : اسم فاعل
قال تعالى :
(( ذلك يوم مجموع له الناس ))
هنا مجموع : اسم مفعول
آخر ما يذكر في علم المعاني وهو شيء مفيد :
وهو ما يسمى بالتغليب :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تذكرون في المثنى قولنا : جاء العمران أو جاء الشيخان
قلنا : هذا من باب التغليب
جاء العمران :
يطلق على عمر وعلى أبي بكر
من باب التغليب
هذا مرادنا هنا
كيف نغلب ؟
بدل ما نذكر  مجيء أو ذهاب هذين الشخصين نريد أن نغلب حتى نختصر
لكن ما هي سبل التغليب ؟
كيف الوصول للتغليب ؟
التغليب هو :
 ترجيح أحد الشيئين على الآخر في اللفظ
وذلك يكون بتغليب المذكر على المؤنث :
قال تعالى عن مريم :
 (( وكانت من القانتين ))
ولم يقل : القانتات
ويكون أيضا :
بتغليب الأخف على غيره :
رأيت الحسنين
أو رأيت الحسينين
 أيهما اخف ؟
رأيت الحسنين :
الحسن وحسين
فغلبنا في اللفظ الحسن
لم ؟
لأنه أخف
ومن الطرق :
تغليب الأكثر على الأقل :
قال تعالى عن قوم  شعيب :
((لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ))
أدخل شعيب عليه الصلاة والسلام في العود إلى ملتهم مع أنه لم يكن فيها من قبل
لكن لماذا أدخل هنا ؟
من باب تغليب الأكثر على الأقل .
ومن الطرق وهي الأخيرة :
تغليب العاقل على غيره :
كما في قوله تعالى :
 (( الحمد لله رب العالمين ))
تمّ بحمد الله

التوشيع


إطناب التوشيع


ومعنى التَّوشيع اللغويّ لفُّ القطن بعد نَدْفِه. وهو أن يُؤتَى في آخر الكلام، وبخاصة


الشعر، بمثنى مُفسِّر باسمين أو مُفردين، أحدهما معطوف على الآخر. ومنه قول عبد الله بن المعتز:


سقتني في ليل شبيه بشعرها


...................شبيهـــةَ خدَّيهــــا بغيرِ رقيبِ


فما زلت في ليلين: شعر وظلمة


...........وشمسين: من خمرٍ ووجهِ حبيب



فالبيت الثاني، يتضمن ذكر لليلين فسرهما الشاعر بالشَّعر والظلمة، وكذلك عجز البيت


نفسه، تضمن ذكراً لشمسين، مفسرين بالخمر ووجه الحبيب.
كقول سيدنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : العِلم علمان: (علم الأديان وعلم الأبدان).
هو أن يؤتي في عجز الكلام بمثنًى مفسر باسمين، ثانيهما معطوف على الأول، نحو‏:‏ يشيب ابن آدم، ولا تشيب فيه خصلتان‏:‏ الحرص، وطول الأمل‏.‏